رئيس التحرير : مشعل العريفي
 فهد عامر الأحمدي
فهد عامر الأحمدي

وبدأ خلق الإنسان من طين

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

في كتاب "من يعرف جنياً يتلبسني" أبديت أسباب تأييدي لنظرية داروين في النشوء والارتقاء وأبرزها أن أي نشوء وارتقاء لا يخرج عن مشيئة خالق الأحياء..
وما يجعلني واثقاً أكثر بهذا الموقف وجود أحافير ومتحجرات حقيقية (ناهيك عن الخرائط الجينية) تؤكد بالفعل مراحل تطور المخلوقات أو تحولها لأشكال جديدة..
أضف لهذا هناك مخلوقات كثيرة تعيش بيننا اليوم تملك أعضاء ضامرة تؤكد تطورها من أشكال بدائية أو مختلفة. خذ كمثال الحوت الذي تجد في زعنفته الأمامية (خمس أصابع) كدليل على أنه كان حيواناً زاحفاً قبل نزوله للبحر. وما يؤيد هذه الحقيقة عجزه عن التنفس في الماء مثل الأسماك الأمر الذي يتطلب صعوده المتكرر لسطح البحر لأخذ حاجته من الأوكسجين (وهذا سر النافورة الطويلة التي يطلقها بين الحين والآخر)!!
... ما حيرني فعلاً هو الجزئية المتعلقة بالإنسان ذاته!!
لم يبد لي يوماً مخلوقاً عادياً بفضل الفرق النوعي الشاسع بينه وبين بقية المخلوقات.. عمره على كوكب الأرض قصير جداً لدرجة لا تسمح له بالتطور لهذا المستوى النوعي الفريد (مقارنة بمخلوقات كثيرة ظهرت قبل 200 و300 مليون عام ولم تتطور بهذا الشكل الرائع).. ملكاته الذهنية وقدرته على الكلام والبناء والتفكير والابتكار تشير إلى أنه (حسب تعبير أشقائنا المصارية) "انطرح حتة وحدة"!
... غير أنني اليوم بدأت أغيّر رأيي حتى في الإنسان نفسه!!
بدأت أعتقد أن الإنسان (مثله مثل بقية المخلوقات) تطور بالتدريج من أنواع متواضعة عطفاً على وجود آيات كثيرة تؤكد هذا التدرج والاصطفاء..
فنحن غالباً حين نتحدث عن خلق الإنسان نتحدث عن صنعه بطريقة مباشرة ولحظية من الطين. ولكنه بشهادة القرآن نفسه لم يظهر من الطين بطريقة مباشرة بل تطور من خلال سلالة طويلة انتهت بالتسوية والنفخ والتميز عن بقية المخلوقات..
لاحظ مثلاً الترتيب الزمني في الآيات التالية:
(وبدأ خلق الإنسان من طين. ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين. ثم سواه ونفخ فيه من روحه. وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون)..
لاحظ أن البداية فقط كانت من الطين (هو مالا يتعارض مع نظرية داروين القائلة بأن المخلوقات نشأت من العدم من خلال تفاعلات طبيعية حدثت في وسط مائي)..
ثم تأتي المرحلة الثانية حيث ظهرت من هذه البداية المتواضعة سلالات من ماء مهين (ولاحظ هنا استعمال كلمة سلالة الأمر الذي يوحي بالقدم والتدرج)...
ثم تأتي المرحلة الثالث حيث سواه الله بشكله الحالي (والتسوية هنا تعني الصنع أو الخلق)...
ثم تأتي المرحلة الرابع والحاسمة حيث نفخ فيه من روحه السامية التي ميزته عن بقية الكائنات..
تليها الخامسة حيث جعل فيه السمع والبصر والفؤاد (وأغلب الظن أن المقصود بالفؤاد هنا العقل كونه استعمل في آيات كثيرة أخرى بهذا المعنى)...
وفي حين تتحدث نظرية داروين عن تطور المخلوقات على مدى دهور جيولوجية طويلة، يخبرنا القرآن الكريم فعلا أنه (أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً).
نقلا عن الرياض

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up