رئيس التحرير : مشعل العريفي

مقاتلون سوريون يتخلّون عن داعش: تنظيم فاسد وحاقد

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

صحيفة المرصد: عند اجتياح داعش لمناطق في شرق سوريا، في نهاية عام 2013 وبداية 2014، توهم بعض الشباب السوريين، ممن خرجوا ضد النظام السوري، ورأوا كيف تحولت انتفاضتهم إلى حرب أهلية، أن التنظيم الإرهابي سيخلصهم، ويعيد لهم حقوقهم وحريتهم.ومن هؤلاء المغرر بهم شاب اسمه عمار من مدينة دير الزور السورية.وبحسب موقع "24 الاماراتي" التقته مع رفاق له مارا ريفكين، خريجة علوم سياسية من جامعة ييل الأمريكية، وزميلها الكاتب مهدي أحمد، عضو جمعية الحماية الدولية، والمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية. وكتب الباحثان في مجلة فورين أفيرز الأمريكية، عن كيفية اكتشاف عناصر سوريين حقيقة داعش، وكيف باتوا يهربون من بطش زعمائه. تصور عمار أن "الخلافة" هي القوة الوحيدة القادرة على تحدي نظام الأسد، واستعادة الكرامة للمسلمين بعد عقود من الإذلال والقمع، كما صدق أن داعش عازم على إعادة العدل والأمن لبلده. ولكن، بعد عامين من العنف الذي يبدو أنه أبدي، خاب أمل عمار بتنظيم يعامل مقاتليه السوريين كمواطنين من الدرجة الثانية، والمدنيين بصورة أسوأ. فقد شاهد كيف أعدم أصدقاءً عرفهم منذ الطفولة، وزاد استياؤه من مقاتلين أجانب جاؤوا من أوروبا، ومناطق أخرى، وتقاضوا غالباً رواتب تقدر بثلاثة أضعاف ما يتقاضاه نظراؤهم السوريون، وكثيراً ما استغلوا مكانتهم الأرفع داخل التنظيم. وهكذا اكتشف عمار زيف ما يدعيه داعش بأنه يحكم بالقانون، وأنه تنظيم فاضل.ونتيجة لكل ما شهده، قال عمار لريفكين وأحمد، أنه في يناير (كانون الثاني) 2016، تظاهر بأنه متجه إلى خطوط الجبهة في العراق، ولكنه ترك وحدته وهرب إلى تركيا، وانضم إلى مجموعة من مقاتلي داعش القدماء، ممن فقدوا ثقتهم بتنظيم وجدوا أنه يتبع تكتيكات لا إسلامية ولا إنسانية. ويلفت الكاتبان إلى ما يشاع، رغم عدم توافر بيانات دقيقة، حول انشقاق مئات من مقاتلي داعش من مدينتي الرقة وحلب في شهر مارس (آذار) الماضي، لافتاً إلى أن السوريين يمثلون نسبة كبيرة من هؤلاء، وهم يلتحقون بمجموعات مقاتلة معتدلة، كالجيش السوري الحر، ويترك آخرون القتال كلياً، ويهربون عبر الحدود إلى الأردن أو تركيا.وتقول ريفكين وأحمد إنه على رغم من تأكيد عمار أن معظم قادة داعش في سوريا هم إما أجانب وإما عراقيون، فإن التنظيم يعتمد بشدة على عناصره السوريين في مجالات الاستخبارات وبناء علاقات ود مع مدنيين، وعقد تحالفات مع زعماء عشائر، وإدارة مؤسسات حيوية، بما فيها تحصيل الضرائب، مما يتطلب معرفة بالسكان وبجغرافية المكان. ونتيجة لكل ما سبق، تمثل زيادة أعداد المنشقين عن التنظيم من العناصر السورية، خطراً كبيراً على حكمه، وإدارته للعمليات العسكرية هناك.ويقول الكاتبان إنهما التقيا في تركيا ثمانية عناصر سابقين في داعش تحدثوا عن دوافعهم للانضمام إلى التنظيم، ومن ثم انشقاقهم عنه. وتكشف حكاياتهم عن تنظيم يجاهد حالياً لإبقاء سيطرته على أعضائه.ولفهم أسباب انشقاق سوريين عن داعش، لابد، بداية، من فهم سبب انضمامهم إليه. وقد كشفت لقاءات مع ثمانية منشقين عن خمسة دوافع رئيسية.بداية، هناك من ظن أن داعش سيحكم فعلاً طبقاً للشريعة الإسلامية، وسيحقق الأمن والرفاهية والعدالة الإسلامية. ومن ثم يأتي أصحاب السوابق، أو أسرى وعدوا بالحصول على عفو إن هم تعهدوا بالولاء لداعش. وفي بعض المناطق، أطلق التنظيم الإرهابي سراح مئات المجرمين، ممن دانهم القضاء السوري، وعفا عنهم شرط الانضمام إلى صفوف مقاتليه.وقال أحد الأسرى، وكان مقاتلاً سابقاً في الجيش السوري الحر: "بعدما استسلمت مجموعتي للتنظيم، كان علي الخضوع لدورة شرعية، وإلا واجهت أبشع حالات القتل. ولأني كنت محاصراً من قبل مقاتليه، اضطررت للانضمام إليهم".ويلفت الكاتبان إلى زيادة نسبة البطالة حالياً في سوريا، وارتفاع كلفة المعيشة هناك. ولذا التحق بعض السوريين بالتنظيم من أجل كسب قوتهم اليومي، وخاصة مع ارتفاع رواتب يدفعها التنظيم نسبة لما يكسبه أمثالهم في تنظيمات أخرى.أما الفئة الرابعة من المغرر بهم من السوريين الذين انضموا إلى داعش، فقد ظن أفرادها أن التنظيم يمثل أكبر تهديد لنظام الأسد، وأنه القوة الوحيدة التي ستخلصهم منه. وقال منشق قتلت قوات النظام جميع أفراد أسرته، أنه التحق بداعش "لكي ينتقم". وأضاف أن معظم عناصر داعش من مدينة حمص التي شهدت القمع الأكثر وحشية، لذا انضموا إلى داعش للغاية نفسها.وقال حسام، وهو منشق من مدينة إدلب، شمال سوريا، إن هناك الفئة الأخيرة، وهم الانتهازيون من بعض السوريين الذين انضموا إلى داعش "في محاولة لتعزيز قوتهم وزيادة أموالهم".وقال حسام إنه استمع ذات يوم إلى حوار بين زعيم قبلي في ريف دير الزور ومسؤول ديني داعشي كان يحاول تجنيده. يومها قال الزعيم القبلي: " كيف يمكن لي الانضمام إلى تنظيم يحتضن اللصوص والقتلة؟. إن كنت تريد فعلاً إنشاء دولة إسلامية، كيف تقبل بهؤلاء". فرد المسؤول عن داعش بأن التنظيم يعمل على إصلاح أولئك المجرمين بواسطة التلقين العقائدي. وقدر حسام نسبة المجرمين في صفوف داعش بما لا يقل عن 80%.وكتب أحمد وريفكين أن منشقين سوريين اتخذوا قرار الإنفصال عن التنظيم، لاعتقادهم أنه يعاني حالياً الهزيمة والضعف. وعبر آخرون عن فقدانهم الأمل بتحقيق ما كانوا يأملون أن يحققه لهم داعش، بعدما رأوا أنه تنظيم استبدادي يمارس عمليات انتقام وحشية ضد خصومه، وأنه لن يخلصهم من حكم الأسد.كما رأت فئة أخرى أن داعش الذي وعدهم بالقضاء على الفساد، وهو من أحد الأسباب التي أدت إلى اندلاع الثورة السورية، لم يف بتعهداته، وأن المحسوبيات والامتيازات هي السمة الطاغية عند زعمائه.وهناك مقاتلون هربوا من داعش بعدما اشترطوا محاربة قوات الأسد فقط، ولكن زعماء التنظيم أمروهم بمقاتلة حركات سورية معارضة، كالجيش السوري الحر.

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up