رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عبدالحميد العمري
عبدالحميد العمري

هل سيرتفع معدل البطالة هذا العام؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

قدرت الهيئة العامة للإحصاء معدل البطالة بين السعوديين بنحو 11.5 في المائة بنهاية 2015 (647.0 ألف عاطل)، وتجاوزا للفروقات الكبيرة جدا بين بيانات «الهيئة» من جانب، و«الخدمة المدنية» و«العمل» من جانب آخر فيما يتعلق ببيانات سوق العمل المحلية، التي لا تزال تدور منذ أكثر من عقدين من الزمن في حلقة مفرغة من التضارب والتعارض غير المفهومة أسبابه، سواء على مستوى العدد الإجمالي للعمالة في السوق، أو على مستوى عدد العمالة الوافدة (وصل الفارق بنهاية 2015 إلى نحو 2.6 مليون عامل وافد)، أو حتى على مستوى العاطلين عن العمل، تجاوزا لكل تلك المفارقات، وبالاعتماد على نتائج المسح الأخير للهيئة، نحاول جميعا بناء منظور مستقبلي قصير الأجل حول توقعات البطالة بين السعوديين، من خلال عكس ما تحمله الصحف المحلية من أخبار متواترة عن تعثر عديد من المؤسسات والشركات، وصولا إلى توقفها التام عن أعمالها وإقفال نشاطاتها. فحسبما نشر عديد من الصحف أخيرا عن الاستغناء الوشيك لإحدى كبريات شركات المقاولات المحلية عن نحو 150 ألف عامل سعودي، فهذه وحدها تعني ارتفاع أعداد العاطلين السعوديين إلى أعلى من 797.0 ألف عاطل، وأن أثر مثل هذا القرار إن حدث، كفيل وحده برفع معدل البطالة بين السعوديين إلى 14.2 في المائة! ودون أدنى شك أن التحدي سيأخذ منحى أكثر وعورة وصعوبة حال اتسعت دائرة الاستغناء عن العمالة الوطنية، وهو أمر مرشح جدا للحدوث تحت مظلة نظام العمل الجديد، الذي أعطت المادة الـ77 فيه الضوء الأخضر لأرباب العمل للاستغناء عن العمالة الوطنية حسبما تقتضي مصالحهم، ووفق خيارات عديدة لم تكن متاحة أبدا أمامهم تحت مظلة النظام القديم للعمل. أضف إلى كل ذلك الانكماش المحتمل لنشاطات القطاع الخاص، وما قد يترتب عليه من اتساع الدائرة المشار إليها أعلاه، إننا ندخل مرحلة موسمية تتضمن زيادة أعداد خريجي المعاهد والكليات والجامعات وبرامج الابتعاث، المقدر أعدادهم بأكثر من 350 ألف طالب عمل جديد! هنا أؤكد أن مضمون تحدي التوظيف وإيجاد فرص عمل مجدية تحت هذه المستجدات الأخيرة، سيصبح مقلقا جدا، ويشكل تحديا تنمويا جسيما للاقتصاد الوطني عموما، ولسوق العمل المحلية على وجه الخصوص. كما يتوقع أن ترتفع أعداد العاطلين عن العمل من السعوديين في ظل هذه الظروف المرحلية المعقدة، أخذا بالاعتبار زيادة تدفقات الباحثين عن عمل من الخريجين، وفي الوقت ذاته زيادة استغناء منشآت القطاع الخاص عن العمالة الوطنية نتيجة ظروفها الراهنة، إضافة إلى الرصيد الراهن من العاطلين. هل سنرى مضاعفة لرقم العاطلين الأخير؟ أي هل سيرتفع العدد الإجمالي للعاطلين على سبيل المثال إلى نحو 1.3 مليون عاطل؟ ما يعني بدوره ارتفاع معدل البطالة بين السعوديين إلى 23.0 في المائة؟ إنها الأسئلة التنموية التي يجب الوقوف أمام تحدياتها بكل شجاعة، والتأكيد أن الهروب منها أو محاولة التهوين من شأنها، لن يقدم أي حل لها من قريب أو بعيد. إن مواجهة مثل هذه السيناريوهات المقلقة جدا، أمر يتحمل مسؤوليته الوطنية كل الأجهزة الحكومية ذات العلاقة بالشأن الاقتصادي والمالي والاجتماعي لدينا، ومعها كبريات منشآت القطاع الخاص وما يمثلها من أجهزة في مقدمتها الغرف التجارية والصناعية، مؤكدا هنا أن هذا المسار يعد الجانب الأثقل وزنا في الوقت الراهن أمام تلك الأجهزة دون استثناء، خاصة في ظل بدء الاقتصاد الوطني ببرامج عديدة تستهدف تحويله وتطويره خلال الـ15 عاما القادمة، وأن تضع في اعتبارها أن وقوفها عاجزة أمام أول تحد تنموي كما تم إيضاحه أعلاه، يعني تماما أنها ستكون أكثر عجزا عن الوفاء بمتطلبات برامج التحول المستقبلية للاقتصاد الوطني، والأخطر من كل ذلك أنه يحمل مؤشرا مقلقا جدا، أن طموحاتنا وتطلعاتنا المستقبلية المشروعة مهددة بعدم التحقق كنتيجة حتمية لفشل المواجهة الأولى! يؤمل أن تولي تلك الأجهزة المعنية هذه التطورات الأخيرة التي بدأت مؤشراتها السلبية تظهر على السطح اهتمامها مبكرا، وألا تتأخر أمام مواجهتها بأعلى درجات من الجهود والمسؤولية والصرامة والجدية، وأن تحذر من تفاقمها مستقبلا حتى تخرج عن السيطرة، وحينئذ لا أحد يعلم كيف يمكن التعامل معها وقد خرجت عن السيطرة. ختاما؛ يؤمل أيضا ألا تتم مواجهة هذه التحديات المستجدة بصورة فردية حسب كل جهاز من الأجهزة أعلاه، بل لا بد من تكوين منظومة عمل متكاملة تستهدف من خلال التنسيق والعمل التكاملي معالجتها، ووضع الحلول المناسبة لها، ولنا في تجارب تفرد كل جهاز من الأجهزة الاقتصادية والمالية بحلولها عبرة سابقة، التي أفضت في كثير من تجاربها إلى تفاقم التحديات التنموية أكثر مما سبق، عوضا عما تسببت فيه من ظهور تحديات ومعوقات أخرى كنا في غنى تام عنها. والله ولي التوفيق.
نقلا عن الاقتصادية

arrow up