كتاب يقرأ ما تناثر من تاريخ

كتاب الاستاذ الدكتور صالح بن عبد الرحمن بن .سبعان يفح جرح العلاقات السعودية بعمق، إذ يحاول أن يعثر علي الأسس (المسكوت) عنها، وغير المعلنة لهذه العلاقات التي كانت تبدو في سطحها الظاهرة في منتهي السلاسة والاتساق، بينما هي معقدة وشائكة في باطنها غير الظاهرة. ولم يكن هذا الأمر ممكناً من قبل، إلي أن دفعت به أحداث 11 سبتمبر 2001م إلي السطح، حيث تكشف الوجه الآخر للديمقراطية التي سقطت في امتحان العدل وحقوق الإنسان وقيم الحرية.
ويحاول الكاتب أن يستقصي برؤية تاريخية جذور ما تبدى من سوء النظام الأمريكي، الذي أحكمت الأقلية الصهيونية قبضتها علي كل مفصل من مفاصله الرئيسية الإقتصادية والإعلامية والدينية والوجدانية، منذ نشؤ الكيان الأمريكي علي يد المهاجرين الأوائل، ونشؤ الدولة، وكيف أن القيم التي غرسها أوائل المتعصبون الأوائل أصبحت فيما بعد هي الأسس التي شكلت المجتمع والدولة في أمريكا، وهي القواعد التي قامت عليها عمد الحضارة الأمريكية،وشكلت بالتالي توجهاتها السياسية الخارجية،مستغلة وموظفة في سبيل ذلك الآلة الإعلامية الضخمة التي تسيطر عليها، وتسيطر من خلالها علي عقل المواطن الأمريكي، وتكيف الرأي العام في المجتمع وتحدد إتجاهاته.
ويحاول المؤلف أن يستقصي تأثيرات كل ذلك في مسار العلاقات العربية – الأمريكية، السعودية- الأمريكية بشكل خاص، وكيف أن هذه العلاقات التي تمر بأزمتها الكبري اليوم، إنما كانت تقوم في الماضي علي أساس المصالح وحدها، من وجهة النظر الأمريكية، بينما كان الجانب السعودي يعول أكثر علي أبعادها الأخلاقية، ويراهن علي الرؤى القيمية التي التى تطرحها الولايات الأمريكية برجماتياً، بينما هي تشكل الأرضية الإسلامية بالنسبة للمملكة العربية السعودية. ولا يكتفي كتاب (نحن ولأمريكا .. قراءة نقدية في ما تناثر من تاريخ) بتشخيص وترشيح وتحليل هذه العلاقة، وإنما هو يحاول إستشراق المستقبل، مقترحاً صيغه أخري لمسار هذه العلاقات، بما يضمن ويحقق التوازن فيها، في ظل نظام عالمي جديد لم تتحدد ملامحه الأخيرة بشكلها الكامل بعد.