رئيس التحرير : مشعل العريفي
 محمد الساعد
محمد الساعد

الفلسطينيون.. من محايدين إلى محاربين للسعودية !

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

قدم الفلسطينيون أنفسهم طوال العقود الستة الماضية أي إلى ما قبل العام 2017 كمحايدين في القضايا العربية، أو على الأقل زعموا ذلك، فهل كانت تلك الحقيقة.. لقد فضحتهم الأزمة القطرية وعرتهم وحولتهم إلى دمى في أيدي الدوحة وأنقرة وطهران.
لقد مارس الفلسطينيون إرهابا ممنهجا ضد معظم الدول العربية موجهين بنادقهم وقنابلهم ضد الشعوب العربية وتاركين عدوهم الأساس حسب ادعاءاتهم، ليس ذلك فحسب بل صحبه إرهاب من نوع آخر إرهاب الانصياع لطريقتهم في إدارة الصراع وتقديم الأموال والمساعدات الطائلة، وإلا حسبوك معاديا وجيشوا ضدك المشاعر العربية.
على مدى ستة عقود قاتل الفلسطينيون الجيوش والأجهزة الأمنية العربية وأنهكوها أكثر مما واجهوا الجيش الإسرائيلي وأجهزة أمنه، ولو بدأنا الحكاية فسنتذكر على الفور أيلول الأسود الذي بدأ بمحاولة الفصائل الفلسطينية اختطاف القرار الأردني بل واحتلال الأردن وإعلان دولتهم في عمان بدلا من القدس، ثم انتقلت البنادق من صدور الأردنيين إلى صدور اللبنانيين منذ العام 1975، ومن ثم الكويتيين 1990، وحتى خلال الحرب الأهلية السورية التي أعقبت ما يسمى بالربيع العربي انخرط فلسطينيو المخيمات في قتال الشعب السوري الأعزل.
يا لهذه المقاومة البائسة والنضال المشؤوم الذي أثخن في العرب أكثر مما أثخن في الإسرائيليين.
يجب أن لا ننسى عملياتهم الإرهابية ضد القنصليات والسفارات وعمليات الاغتيال لشخصيات سعودية فضلا عن اختطاف الطائرات وتفجيرها.
ومع كل ذلك كان الفلسطينيون يلتفون من جديد ويبيعون أوهامهم في سوق النضال دون رادع من حياء، حتى انحيازهم لصدام عند ضربه المدن السعودية بالصواريخ العام 90 وبالرغم من مرارته إلا أن عرفات استطاع الاستفادة من المناخ الدولي في حينه وإعادة العلاقة مع الرياض وقيادتها، بالطبع قدم أبو عمار الاعتذار العلني اللازم لتلك الخيانة التي فعلها في حق السعودية.
لكن انقلابا حقيقيا وقع في المشهد الفلسطيني ليس في قيادته وحسب بل وحتى في مزاجه الشعبي من بداية مقاطعة الدول العربية الأربع لقطر وحتى الآن، فلا تحرير القدس يبدأ من الدوحة، ولا القطريون يواجهون إسرائيل في تل أبيب.
والعكس هو الصحيح، فأول من شرع وجود الإسرائيليين في المنطقة والالتقاء بزعمائهم وإعطائهم المنصات اللازمة للإدلاء بآرائهم كانت قطر، ولم تقم بذلك من أجل مشروع سلام بل العكس تماما كان من أجل مصالحها وقراراتها.
الغريب أن الفلسطينيين زايدوا علينا وأخذوا موقفا محاربا ومعاديا للقيادة السعودية وانخرطوا في الدعاية القطرية مروجين لما يسمى بصفقة القرن، والتي هي في نهاية الأمر كذبة قطرية صدقها مغفلو فلسطين، أو لنكن أدق أرادوا تصديقها وتبنيها لحقد في قلوبهم على أكبر دولة نفطية تفوقهم غنى وتعيش استقرارها ولم يبع أبناؤها أراضيهم لأعدائهم، فلا قضية السعودية القطرية قضيتهم ولا الموضوع يؤثر في قرار الحرب والسلام بينهم وبين الإسرائيليين ولا المقاطعة أوقفت استعداداتهم على افتراض أنهم يعدون سلاحهم للانقضاض على إسرائيل في يوم ما.
كان قرارا سياديا سعوديا تجاه دولة أساءت التصرف مع المملكة وهو ليس الأول ففي علاقات الدول يحصل ذلك سواء عربية أم أجنبية، حدث ذلك مع مصر والعراق وليبيا واليمن وألمانيا وأمريكا نفسها، ولم يكن للفلسطينيين ولا غيرهم الحق في الاعتراض أو حتى السؤال لماذا فعلت الرياض ذلك.
منذ ما قبل الحرب العربية الإسرائيلية من أجل فلسطين العام 1948 كانت قطر تحت الانتداب البريطاني وحتى 1971 عندما استقلت وشكلت إمارتها في شكلها المعروف حاليا، لم تكن قطر منخرطة في مشاريع التحرير وكل جهدها كان منصبا لملء خزينة جلالة ملكة بريطانيا بعوائد البترول القطري، بل إن الإنجليز نشروا في إعلامهم الكثير من البرامج الساخرة بسبب رفض القيادات القطرية الاستقلال ورجائهم لحكومة الملكة البقاء كمحتلين لقطر.
في الحقيقة أن الاصطفاف الفلسطيني مع المشروع الإيراني القطري التركي المعادي للسعودية لم يكن مفاجئا ولا وليد الأزمة القطرية فقط، لكنه فضحها بشكل واسع إذا لم تستطع القيادة الحالية في رام الله فرملة الاندفاع الرسمي والشعبي الخشن ضد كل ما هو سعودي، فليس من المقبول حرق الأعلام السعودية ولا إحراق صور قادتها ولا نشر الرسوم المسيئة، في دكاكين للإعلام يديرها أعضاء في حركتي فتح وحماس.
ياسر عرفات عندما آلمته رسومات كاريكاتير ناجي العلي في صحيفة القبس الكويتية قتله بدم بارد، وعندما صرح نبيل عمر عضو السلطة الفلسطينية خارج السرب أطلق الرصاص على قدميه وجعله مقعدا.
السعودية لا تريد إلا كف أذاهم عنها وعن مواطنيها، وعلى الفلسطينيين أن يعوا أن المزاج الشعبي في الشارع السعودي لم يعد قادرا على تحمل تلك الإساءات والانغماس في الإيذاء، وأصبح من الملح أن تقف سلطة رام الله موقفا عاقلا قبل أن تخسر آخر عاصمة صادقة في وقوفها مع قضيتهم.
نقلا عن عكاظ

arrow up