رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل ابا الودع الحربي
مشعل ابا الودع الحربي

التعليم عن بعد: دعوة للتفكر

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

كأي شيء جديد ، الأزمة التي اجتاحت العالم بأسره هذه السنة خلفت وراءها شيئا من المعاناة ، و دخلنا في دوامة من الحروب مع المتغيرات من حولنا. حياة يومياتها متشابهة اعتدنا عليها إلى أن حلت هذه الأزمة ، فاختلت معها موازين القوى ، و اضررنا إلى إضفاء مجموعة من التغييرات على نواحي هذه الحياة.
أزمة كورونا التي أغلقت أبواب المدارس كرها، خوفا من هذه القنبلة الموقوتة المستعدة للانفجار في أي وقت و في أية لحظة . بشكل مفاجئ وجد العالم نفسه أمام منعرج الاحتياطات الذي أضحى يربط بينه و بين سلامته ، و بذلك فرض عليه واقع مغاير لم يكن في الحسبان.
و لعل التعليم من أهم القطاعات الحساسة و التي تأثرت بشكل مباشر بهذه الأزمة ، و كان أمرا مستعجلا في جميع الدول أن يجدوا حلا وسطا لاستمرار النشاط التعليمي في خضم ظروف استثنائية ، فكان الحل هو أن يباشروا بالتعليم عن بعد.
ما جاءت محملة به هذه الأزمة و تأثيرها سلبا على توقف النشاط التدريسي ، استطاعت هذه البادرة أن تضمن استمرار النشاط التعليمي على الأقل خلف الشاشة... رغم ضعف الإمكانيات و غياب استعداد مسبق ، غير أن الحاجة أم الاختراع... فكان بذلك التعليم عن بعد هو الحل.
على خلاف المنظومات التعليمية الغربية التي تحتوي على اللبنة الأساس للتعليم عن بعد و التي وجدت نفسها معتادة على المعاملات الافتراضية بين الأساتذة و الطلاب ، و وقفت المجتمعات العربية أمام تحدي كبير كلفها ميزانيات ضخمة و مخططات استعجالية للنهوض بأزمة التعليم بعجالة.
كان تحديا جزء المجزأ و فرق الآراء بين "راغب في" و "راغب عن". عندما طالت مدة هذه الأزمة الصحية ، لم يعد في وسع بعض أولياء الأمور مرافقة أبنائهم في تعليمهم عن بعد... و هنا ظهر دور المعلم الذي استكانت مكانته منذ زمن ، بعد أن أصبح المدرس موضوعا للنكتة و الانتقاد ، أعادت له هذه الأزمة مكانته الأصلية ، حتى أن بعض الآباء أخذوا على عاتقهم تحمل كامل المسؤولية شريطة أن يخضع ابنه للتعليم الحضوري.
بجوار كل هذه الآراء التي نثرت الكلام و فرقته ، التعليم عن بعد زعزع الأنماط التقليدية في التعلم ، و دفع ببعض التلاميذ تذوق متعة التعلم الذاتي و البحث عن المعلومة بنفسه عوض تلقي و حفظ هذه الأخيرة كما أنزلت بالمقرر الدراسي. في المقابل فرض هذا الأمر على المدرسين أن يتجاوزوا عقبات التعليم الافتراضي و في نفس الوقت دفع بهم للبحث عن طرق تشاركية و أكثر فعالية.
تجربة فريدة من نوعها رغم صعوبتها ، و رغم افتقار أغلبية التلاميذ للوسائل التكنولوجية و الظروف المواتية ، غير أنها كانت قارب النجاة في عمق المحيط في زمن الأزمة ، و لم يكن أمامنا خيارا آخر أكثر نجاعة .
و أخيرا ، فعموما التعليم عن بعد مقاربة ممتازة تدعونا للتفكر و لما لا إدماجها في مناهجنا التعليمية بشكل رسمي و دائم.

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up