رئيس التحرير : مشعل العريفي

مشعل السديري : في صحة المرحوم

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

صحيفة المرصد : سلط الكاتب مشعل السديري، الضوء على موضوع التقليل من الآخرين، مشيراً إلى أنه من الأفضل أن نسمع جيداً منهم ولا نحكم عليهم من مظهرهم.
وقال السديري في مقاله "في صحة المرحوم" بصحيفة الشرق الأوسط: " صدق من قال من يفعل الخير لا يعدم جوازيه/ لا يذهب العرف بين الله والناس، وإليكم هذه الحادثة: دخل رجل كبير السن وزوجته وكانا يرتديان ملابس متواضعة جداً إلى سكرتيرة مكتب رئيس جامعة هارفارد الأميركية الشهيرة لمقابلة رئيسها، ولم يكونا قد حصلا على موعد مسبق، فقالت السكرتيرة للزوجين: الرئيس مشغول جداً ولن يستطيع مقابلتكما قريباً."
إصرار
وأوضح السديري، أنه سرعان ما جاءها رد السيدة، حيث قالت بثقة: عموماً سوف ننتظره، وظل الزوجان ينتظران لساعات طويلة أهملتهما خلالها السكرتيرة تماماً على أمل أن يفقدا الأمل وينصرفا.
وأضاف أنه مع إصرارهما قابلهما رئيس الجامعة دون أن يعطيهما الاهتمام، فقالت السيدة: ابننا كان يدرس هنا في الجامعة لكنه توفي في حادث السنة الماضية وجئنا لنخلد ذكراه في الجامعة، فنظر لملابسهما وشكلهما المتواضع، وقال لهما: نحن لا نضع تماثيل في الجامعة، فردّت عليه بنفس الهدوء: حضرتك فهمتنا خطأ، نحن نريد أن نبني مبنى في جامعة هارفارد يكون باسم ابننا، فرد عليهما بسخرية واضحة وهو ينظر لملابسهما: إن ذلك سوف يكلف أكثر من مائة مليون دولار.
ساد الصمت
وتابع : " ساد الصمت فترة وجيزة ظن خلالها الرئيس أن بإمكانه الآن أن يتخلص من الزوجين، وهنا استدارت السيدة وقالت لزوجها سيد ستانفورد: ما دامت هذه هي تكلفة إنشاء جامعة كاملة، فلماذا لا ننشئ جامعة جديدة تحمل اسم ابننا؟!، فهز الزوج رأسه موافقاً.
غادر الزوجان وسط الابتسامات الساخرة من الرئيس، وسافرا إلى كاليفورنيا حيث أسسا جامعة ستانفورد العريقة التي تعد من أفضل الجامعات في أميركا.
وأكد أنه من المهم دائماً أن نسمع، وإذا سمعنا أن نصغي ونتفهم، فمن المهم ألا نحكم على الناس من مظهرهم وملابسهم ولكناتهم وطريقة كلامهم، تماماً مثلما من المهم ألا نقرأ كتاباً أبداً من عنوانه مهما غلا ثمنه وزخرفة غلافه.
نموذج آخر
وقدم السديري نموذجاً آخر، فقد ترك الأميركي جاك ماكدونالد - وهو غير ماكدونالد صاحب مطاعم (الهامبورغر) - بعد وفاته عن عمر يناهز الـ98 عاماً، ثروة تقدر بـ187 مليون دولار، والتي تبرع بها إلى إحدى الجامعات الأميركية، وجمعيتين خيريتين، بعد حياة عاشها بتواضع شديد.
واختتم مقاله قائلاً : " أحلى ما في الموضوع أن ختام حياته كان مسكاً، فبناء على طلبه لم يعقد له حفل تأبين، إذ فضل في وصيته بالتبرع بها لشحاذي الشوارع في نيويورك، الذين عندما وزعوها عليهم كان بمثابة يوم عيد، وأغلبهم اشتروا بها مشروبات روحية، وتعاطوها وهم يرقصون (في صحة المرحوم)، وأزعجوا السكان النائمين."

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up