رئيس التحرير : مشعل العريفي

الأسد مستمرّ باستخدام السلاح الكيميائي.. كيف السبيل لمحاسبته؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

صحيفة المرصد- 24- جورج عيسى: ركّزت ناتاشا لاندر في مقالها ضمن مؤسسة الرأي الأمريكية ناشونال إنترست على ضرورة جلب الرئيس السوري بشّار الأسد إلى القضاء الدولي لمحاكمته على استخدامه السلاح الكيميائي ضدّ شعبه.
وهي افتتحت مقالها مذكّرة بالضربة التي تمّ توجيهها إلى جهود محاسبة الأسد على أفعاله، حين فشل مجلس الأمن الدولي في تمرير قرار يعاقب مسؤولين سوريّين بسبب دورهم في شنّ هجمات كيميائيّة سنتي 2014 و 2015. وبغياب التحرّك الأممي، لم تجد الولايات المتحدة وحليفاتها إلّا النتائج الصادرة عن لجنة تحقيق مشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائيّة في سوريا من أجل الاستمرار ب "قرع طبول" معاقبة المسؤولين السوريين.
وبغضّ النظر عن الجهد الذي قادته الحكومة الأمريكيّة لخلق آلية محاسبة داخل الأمم المتحدة، فإن القرارات السابقة التي استطاع مجلس الأمن الدولي تمريرها، تضمّنت لغة "مائعة" هدفت إلى تطمين الدول الصديقة للنظام السوري في مجلس الأمن، وعلى رأسها روسيا والصين. وذكّرت الباحثة بأنّ صوتي موسكو وبيجينغ الرافضين لمحاسبة المسؤولين السوريين هما اللذان أفشلا القرار الأخير.
ورأت لاندر وجوب تعزيز معاهدة الأسلحة الكيميائيّة إذا كانت هنالك نيّة في معاقبة الأسد على استخدامه الأسلحة الكيميائيّة. كما شدّدت على أنّ قيادة الولايات المتحدة في هذه المسألة يمكن أن ترسل رسالة إلى حلفائها مفادها أنّه على الرغم من التغيير في الحكومة، ستبقى واشنطن صارمة في جلب مستخدمي الأسلحة الكيميائيّة أمام العدالة. ويمكن للولايات المتحدة مثلاً أن تشجّع حلفاءها على فرض عقوبات ضدّ أشخاص شنّوا هكذا هجمات كما فعلت هي في يناير (كانون الثاني) الماضي. وفي وقت تستمر إدارة ترامب في تطوير سياستها الخاصة بالشرق الأوسط، يجب أن تكون الجهود في معاقبة الأسد وحكومته جزءاً من أهدافها.
وبإمكان الولايات المتحدة والدول الحليفة أن يستدعوا تحرّك منظمة حظر الأسلحة الكيميائيّة لتطبيق ما نصّت عليه اتفاقية الأسلحة الكيميائيّة، من أجل أن تكون أكثر فاعلية في إدانة استخدام هذا النوع من الأسلحة. هذه المنظمة، وعلى مستوى القسم الخاص بسوريا، لم تصدر بياناً صحافياً واحداً منذ 13 ديسمبر(كانون الأوّل) 2016. وبحسب لاندر، يجب على المنظمة المسؤولة عن تطبيق هذه الاتفاقية، أن تكون "صوت غضب" في المجتمع الدولي تجاه الاستخدام المستمر لهذا النوع من الأسلحة في سوريا. هذه البيانات يمكن أن تلفت انتباه روسيا والصين داخل مجلس الأمن. كطرفين موقعين على الاتفاقية وكحليفتين للأسد، إنّ غياب الإرادة لدى موسكو وبيجينغ لاتخاذ موقف أقسى ضدّ سلوك الحكومة الروسية "ستضعف مصداقيتهما" كعضوين في المجلس التنفيذي داخل منظمة حظر الأسلحة الكيميائيّة.
ولقد كانت سوريا دوماً خارج مجموعة الدول ال 192 الموقعة على اتفاقية الأسلحة الكيميائيّة. فهي الدولة الوحيدة التي وقّعت عليها بعد شنّ هجوم كيميائي مدمر حين قُتل أكثر من 1400 سوري في أغسطس (آب) 2013 بسبب الاختناق بغاز السارين. بعدها، وافقت سوريا على إزالة وتدمير المخازن والأسلحة الكيميائيّة الخاصة بها لتلافي تدخل عسكري كان وشيكاً حينها. وفي وقت لا يُمنع استخدام مادة الكلورين ضمن الاتفاقية، يصبح استخدام أي عنصر كيميائي في أي سلاح من قبل أي طرف هو ممنوع بموجبها.
وإنّ الفشل بجلب القادة السوريين إلى قوس العدالة على الرغم من استعمالهم المستمر للكلورين في هجماتهم ضد مواطنيهم يظهر تقصيراً خطيراً في النظام الدولي المسؤول عن تطبيق المعاهدات الدولية. كذلك، إن "الوقاحة" التي خرقت بها سوريا التزاماتها التي فرضتها عليها الاتفاقية منذ صدور التقارير الأولى عن استخدامها الكلورين في أبريل (نيسان) 2014 هو أمر غير مسبوق بحسب الباحثة. لذلك، إنّ تصرفات الحكومة السورية أضعفت قواعد العمل ضد الأسلحة الكيميائيّة التي يسخدمها داعش اليوم في العراق وسوريا.
وإنّ التحقيق المشترك الذي أجرته الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية لاحظ وجود عدد من الاتهامات المبنية على أدلة، والتي تشير إلى مسؤولية سوريا عن العديد من هذه الهجمات. كما أكد التحقيق مسؤولية داعش عن الهجوم بالخردل الذي شنه داعش سنة 2015 في سوريا. وتشدد لاندر على أنّ اتفاقية الأسلحة الكيميائية هي عنصر جوهري في النظام العالمي الأوسع الذي يحكم القواعد ضد استخدام الأسلحة الكيميائية. كذلك، إنّ أمريكا وحلفاءها لهم دور "حيوي ومهم" في الحفاظ على هذه القواعد من خلال تعزيز آليات المحاسبة ثمّ دعمها بأدوات تنفيذية ملموسة تعاقب الأسد ونظامه لخرقهما "الفاقع" للقانون الدولي.

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up