رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

الرقص بنجاح العملية

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

لي صداقات مع بعض الأطباء، غير أنها تختلف عن صداقات الآخرين، فهي غالباً مشوبة بالاحترام والحذر واختيار الكلمات المنمقة بعناية، والابتعاد عن المزاح الممجوج والتصرفات السوقية وكل ما يخدش الحياء. ومن نوادر الأطباء التي تحسب لهم وتحسب عليهم أحياناً، ومن بعض ما قرأته أو سمعته عنهم منها: أن هناك مقطع فيديو انتشر على (اليوتيوب) يظهر طبيباً جراحاً يرقص على صوت الموسيقى الصادح في غرفة العمليات وأمامه مريض نائم وبطنه (مفتوح) وغارق بدمائه ولا يظهر الطبيب وحده في الفيديو بل شاركته على ما يبدو في مواهبه الفنية الممرضة التي كانت تساعده على إجراء العملية. واستمر فاصل الرقص ما لا يقل عن عشر دقائق، ويا ليته استمر نصف ساعة على الأقل، لأن الممرضة الجميلة كانت تؤدي فاصل الرقص بغاية من الحماسة والنعومة، والسبب هو احتفالهما بنجاح العملية. ويبدو أن الفيديو الذي صُور في أحد المستشفيات في شمال غربي كولومبيا قد سربه أحد الممتعضين من هذا الطبيب. وانقسم مشاهدو الفيديو، فمنهم من رأى أن الطبيب فرح بنجاح العملية وهذا يعطي دفعة إيجابية له وللعاملين معه، في حين اعتبر آخرون أنه يقلل من قيمة المريض. عموماً الرقص أحلى وأهون من الضرب، والحكاية وما فيها: أن رجلاً روسياً في بلدة (بيلفورد) ذهب إلى المستشفى وهو (معبّي الطاسة) – أي سكران طينة، ويبدو أنه تحرش بإحدى الممرضات فنهرته.. عندها اعتدى عليها بالضرب، وظهر التسجيل لحظة دخول الطبيب إلى غرفة الفحص وقام كذلك مباشرة بمهاجمة المريض الجالس على سرير الفحص بلكمات وسقط على الأرض مغمياً عليه، ولم تنجح محاولات الطبيب المهاجم في تقديم الإسعافات الأولية لإنقاذ المريض الذي ما لبث أن فارق الحياة بعد وقت قصير. واعتبرت لجنة التحقيق أنها قضية (قتل غير عمد)، وأمرت بفصل الطبيب – انتهى. أما الحادثة التي أصابتني بالحسرة، فهي كما ذكرت صحيفة (واشنطن بوست) عندما كان المريض قد نسي إغلاق تطبيق تسجيل الأصوات على جواله، فسجل صوت طبيبة التخدير وأعضاء فريق الجراحة وهم يقومون بسبه ووصفه بالمزعج والمعتوه وغيرها من الإساءات. وعندما أفاق وسمع تلك الكلمات النابية، ما كان منه إلاّ أن يوكل محامياً، ويرفع دعوى ضد الأطباء، وحكم له (بنصف مليون دولار). أما سبب حسرتي أنه في هذه السنة أجريت لي عملية واستمررت فيها مخدراً وغائباً عن الدنيا أكثر من ساعة كاملة، ولا أدري ماذا كانوا يتكلمون عني، ويا ليت جوالي معي وكان مفتوحاً على التسجيل، ويا ليتهم وقتها (شذبوا عراقيبي) بالشتائم، ما دام أن المسألة فيها مئات الآلاف من الدولارات.
نقلًا عن الشرق الأوسط

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up