رئيس التحرير : مشعل العريفي
 محمد الساعد
محمد الساعد

الصحف.. إما صندوق الاستثمارات.. أو مستوطنات عزمي!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

أي حال وصلت إليه المؤسسات الإعلامية، خاصة الصحف الورقية، الأرقام تشير إلى تراجعات عميقة، تصل لأكثر من 50 %من دخلها العام 2016 ،مقارنة بالعام 2015 ،فما بالنا بهذه السنة، وهي تعد الأسوأ في تاريخ الصحافة السعودية، على مدى الـ50 السنة الماضية. عاشت الصحف خاصة ذات الإدارات الناجحة، سنوات ذهبية، في الفترة ما بين 1985 و2010 ،حققت معها وفورات مالية ضخمة، وتوسعت في استثماراتها التي تخدم صناعتها فقط، حتى وصل دخل بعضها إلى نصف مليار سنويا، إلا أن التغيرات السريعة، والتطور التكنولوجي غير المسبوق، لم يتح لتلك المؤسسات التقاط أنفاسها، أو لنقل إنها لم تستطع مواءمة الانتقال من الورقي للإلكتروني، لخوفها من التفريط في الورقي، ولعدم نضج السوق الإلكتروني في السوق السعودية بصفة خاصة. إضافة إلى ذلك دخول وسائل التواصل الاجتماعي فجأة بدءا من 2010 ،أضحت خلالها مصدرا خبريا سريعا، لكنه للأسف غير موثوق، وليس له مصداقية يمكن الاعتماد عليه، بل تسللت إليها الجماعات والقوى المناوئة، لتحقق منها غاياتها العدوانية والإجرامية. عند النظر للصحف، يجب أن لا نحاكمها باعتبارها مجرد وسائل إخبارية، يمكن استبدالها بموقع إلكتروني، ينشر الأخبار ساعة بساعة، يخفض المصاريف ويمكن الصحيفة من الاستمرار في السوق الإعلامية. المسألة أعمق وأخطر بكثير.. إنها تعني التخلي عن واحدة من أهم حلقات الدفاع عن كيان الوطن وحياضه، لقد بقيت الوسائل الإعلامية طوال عقود تدافع عن قضايا الوطن، تبني رأيا عاما عاقلا متزنا تجاه التحديات المصيرية، تدعم اللحمة الاجتماعية، وُتغير على قوى الظلام، وتساهم في إحراقهم، مساهمة لا يمكن أن تقوم بها أي وسيلة أخرى. تلك المؤسسات الإعلامية، بقيت في منأى عن الاختراق الحزبي، والفئوي، والطائفي، ما جعلها عصية على الأجندات بكافة أشكالها، وهو الأمر الذي دفع بالحزبيين لمهاجمتها، وتخوينها، وتخوين العاملين بها، فقط لأنها لم تكن مطية لمؤامراتهم، منذ بداية نشوئها وحتى اليوم. اليوم نحن أمام مأزق حقيقي، هل نتخلى عن تلك الصحف، وننظر لها باعتبارها مجرد منصات إخبارية فقط، تواجه تبدلا في طبيعة السوق، وبالتالي علينا أن نقبل خروجها، وتركها تواجه مصيرها الاستثماري لوحدها. هذا خيار، لكن له أخطاره الجسيمة، نحن لليوم لا زلنا نستطيع بناء رأي عام صلب، من خلال بنية إعلامية استثمرنا فيها طويلا، والتفريط في هذه المحركات الكبرى، يعني بالضرورة إعطاء مؤسسات خارجية ممولة من دول عدوة، الفرصة، لتكون بديلا، يقدم الإشاعة والتحريض، على أنها خدمة خبرية يشكل بها الرأي العام المحلي، ويختطفه، ويوجهه، ضد الوطن ومكتسباته. ما نواجهه الآن من «مستوطنات عزمي بشارة» الإعلامية، نحو السعودية، دليل على محاولات تلك القوى اقتياد الرأي العام السعودي عنوة، وتقويض البنية السياسية والدينية والاجتماعية للمملكة، والتأثير على مشاريعها التنموية والاقتصادية. في نظري أن صندوق الاستثمارات العامة، مؤهل لأن يكون شريكا ممتازا للمؤسسات الإعلامية المحلية، ليس بالضرورة كلها، لكن من خلال دراسة القابل منها للبقاء والنجاح، مع دفع الضعيفة للاندماج، وخلق كيانات جديدة، وتحويلها لمؤسسات مساهمة عامة، يتملك فيها من أراد من المواطنين. المقصود إعادة تشكيل هذه المؤسسات، وتطوير منتجاتها، وتحويلها لمحاضن ثقافية تتجاوز المحلية، تنتج الكتاب والمسرح والفنون والموسيقى والسينما، تتبنى المواهب، والأفكار، مع احتفاظها بهويتها الإخبارية والصحفية، لتكون قوة ناعمة حقيقية للمملكة في العقود القادمة





نفلا عن عكاظ

arrow up