رئيس التحرير : مشعل العريفي
 هيلة المشوح
هيلة المشوح

الصين وإيران وحلف الربع قرن

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

سؤال مهم يطرح نفسه في ظل المتغيرات الطارئة على المشهد السياسي العالمي وفي ظرف استثنائي توقع فيه الصين وإيران اتفاقية شاملة على مدى 25 عاماً، فالصين وإيران دولتان مختلفتان كلياً في الإستراتيجيات والثقافات والسياسة، ولا يجمعهما سوى السخط المشترك بينهما على الولايات المتحدة الأمريكية، فهل تنجح هذه الشراكة؟
حين نقرأ المشهد الصيني بتمعن يتبين لنا أن الصين دولة نووية كبرى وتتكئ على اقتصاد متين ومؤثر وتاريخ عريق زاخر بثقافات مختلفة، وأرض شاسعة وقوة بشرية تخطت المليار والنصف مليار نسمة، ولكنها في الوقت ذاته لا تسعى إلى فرض سياستها بهذه الثقافات أو الشعارات الحقوقية والإنسانية كما يفعل الغرب، بل بسياسة «الصين الواحدة» والاقتصاد الذي أغرق أسواق العالم بالبضائع والسلع بما فيها الدول التي تسعى لتأجيج المجتمع الدولي ضد الصين وتغذية النزعات الانفصالية في داخلها، وبالتالي فصل عربة السياسة عن حصان الاقتصاد الجامح الذي جعل منها دولة عظمى، إذاً فالصين دولة لا تسعى للاستعمار أو التحالفات العسكرية أو بناء منظومات تسليحية بقدر اهتمامها بالهيمنة الاقتصادية التي يختزلها سلوكها من خلال المبادرة بمشروع الحزام والطريق المشابه إلى حد كبير لمشروع مارشال الأمريكي بنظريته الاقتصادية الرأسمالية من بعد الحرب العالمية الثانية الذي أنعش الاقتصاد الأمريكي وجعله يتصدر أقوى اقتصادات العالم حتى اليوم، ومشروع الحزام والطريق هو نسخة متجددة من طريق الحرير الصيني التجاري في القرن التاسع عشر ليواكب متغيرات العصر الآنية بتمرير البضائع الصينية وتبادلاتها التجارية من خلال الحزام البحري والطريق البري الذي تقوم عليه المبادرة بالاعتماد على ميزانية ضخمة تجاوزت التريليون دولار وقد تصل إلى 8 تريليونات دولار في المستقبل؛ أي عند نهاية آخر مراحل المشروع المقدرة في عام 2049م، وهذا التمويل الضخم تحقق بخطة اقتصادية اعتمدت فيها الصين على دمج عدد من البنوك المحلية في بنك الصادرات والاستيراد، وبنك التنمية الصيني، بهدف الانتقال من مرحلة الاقتصاد الثاني عالمياً بعد أمريكا إلى الاقتصاد الأول بلا منافس، علماً أن التبادل التجاري مع أمريكا يتجاوز 600 مليار دولار سنوياً؛ 500 مليار منها صادرات صينية لأمريكا مقابل 100 مليار دولار صادرات أمريكية داخل الصين، فشركة أمازون مثلاً؛ وهي أكبر الشركات الأمريكية لبيع السلع، تعتمد على البضائع الصينية بنسبة تتجاوز 85%!
(نقلاً عن عكاظ)

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up