رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عبدالله بن بخيت
عبدالله بن بخيت

العلاقة مع أميركا لا يحكمها ملف واحد

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

مساحة العلاقة بين السعودية وأميركا واسعة ومتعددة ولا تقف عند عامل واحد. مئة سنة من التعامل البناء والمشترك والثقة المتنامية لا يمكن اختصارها في محدد واحد مهما كان حجمه. الصداقة بين المملكة وأميركا حققت للمملكة ولأميركا مكاسب كبرى يعتز بها البلدان. فبقدر ما السعودية في حاجة إلى التكنولوجيا الأميركية والعلاقات الأميركية فأميركا في حاجة للمملكة كدولة محورية في المنطقة ومؤثرة في الطاقة على مستوى العالم.
عندما بدأت العلاقة السعودية - الأميركية تضع أسسها الاولى لم تكن أميركا هي العظمى في العالم كما هي الآن. ولم تكن منفتحة على السياسة الدولية. ولكن ظروف العالم تكشف عن اسرارها للسياسي الحصيف، فأخذ الملك عبدالعزيز يعزز من علاقته مع القوة العظمى القادمة ومضى ابناؤه من بعده بهذه العلاقة إلى آفاق متعددة اقتصادية وسياسية وتعليمية وغيرها.
استطاعت المملكة أن تثبت لأصدقائها بثبات سياستها وبنظراتها الاستراتيجية والتاريخية أنها بلاد يعتمد عليها كصديق محترم.
لا تقدم وعودا مجانية ولا تتنازل عن قيم أساسية وتحترم تعهداتها. ان أفضل نموذج لإدارة العلاقة مع أميركا حساسية الحالة الإسرائيلية. يتناقض موقف المملكة من إسرائيل مع موقف أميركا من إسرائيل، ورغم ذلك استطاعت المملكة أن تحتفظ بموقفها الإنساني والديني والعربي من الاحتلال الإسرائيلي دون أن تخسر العلاقة مع الولايات المتحدة. هذا ما نراه اليوم في التعامل مع الملفين العراقي والسوري.
إن سياسة المملكة الحالية التي اتسمت بالانفتاح على الجميع وحصر الخلافات في مواقعها مع كل دولة على حدة حفظت للمملكة مكانتها. التناقض مع أي دولة يبقى محصورا في موقعه وفي حدوده. هذه الاستراتيجية جعلت المملكة أكثر قدرة على الحركة وأكثر قوة لتحمل تبعات الصداقات. فالمملكة رغم أنها تختلف مع روسيا في سورية لم يمنعها هذا من إقامة علاقات مصالح معها.
ويمكن النظر إلى هذه الفلسفة العقلانية في علاقة المملكة مع العراق وتركيا ومصر وغيرها من الدول.
ولا شك أن أميركا تدرك هذه الرؤية السياسية وتقيم حساباتها على هذا الأساس. إن من يظن أن أميركا مستاءة أو غير راضية عن مواقف السعودية الحالية من الأحداث يجهل تاريخ العلاقة بين البلدين. المملكة طوال تاريخها لم تسمح لاحد أن يملي عليها سياساتها الخارجية، والثاني أن من مصلحة أميركا أو أي دولة صديقة اكتساب صديق قوي يمتلك علاقات إيجابية مع القوى المختلفة. إن مراهنة بعض الأقلام التي ترى أن العلاقة بين السعودية وأميركا تمر بفترة جفاف مراهنة خاسرة. العالم يرتب نفسه ويرتب علاقاته وهذا ما يجري للعلاقة السعودية - الأميركية.
زيارة الرئيس الأميركي أثناء انعقاد القمة الخليجية القادمة تسقط هذه المراهنة. تعبر هذه الزيارة عن الاحترام الذي يكنه الرئيس الأميركي للسعودية وتعبر أيضا عن رغبة الولايات المتحدة والمملكة في استئناف العلاقة المميزة التي تأسست قبل حوالي قرن من الزمان.
نقلا عن الرياض

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up