رئيس التحرير : مشعل العريفي
 خالد السيف
خالد السيف

المقامة الروسيّة

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

بسندٍ متصلٍ أخبرَنا السيّاسيُّ النطّاسيُّ فقال: كلُّ ما يتمنّى بوتينُ قد أدركَه. إذ جرت رياحُه بما تشتهي سُفنُ الأمركَة.. شريكُهُ مُذ أخذَ الإذن لكلِّ معركة. وكذا أوروبا قالت من غيرِ لفٍّ أو فذلَكة. قرارُ روسيا ألا ما أبركه. في كعكةٍ شهيّةٍ ونحن مَن أشْرَكَه. أمّا عن العُرْبِ فاسألْ وسائل. مُذْ أوسعوا المنابرَ والمحافل. بجحفلٍ ترتعدُ له المفاصل. فشتمُهم وشجبُهمْ هي القنابل. كذاكَ كانَ صنعةُ الأوائل. منذُ حلالِنا بعيرنا والنّاقة. حتى أتانا نفطُنا والطّاقة. فنحنُ نحنُ في الحَماقة. فإِبِلُنا قد ذُبحت هناك في العِراق. ونالَ لحمَها مُجْرِمةُ الآفاق. ونحن نغطّ في صمتٍ وإطباق.
ونصحو على وقعِ طبلٍ ونفاقِ. واليومَ جاءَ دورُ الشّام. قد قالها كيسنجر الهُمَام .فكلُّ شيءٍ يجري في تمام. قد جاء نصّاً وَفْقَ ما في الخُطّة. ووضعوا فوقَ الحروفِ نُقْطَة. وتحتَ هذه الحروبِ نَفْطَه. أليست الهرّة نَفْسها هي القطّة؟
هو التاريخُ لا يُعيدُ نفْسَه. بكلِّ سفَهٍ أعدنا حبْسَه. فلسنا نحنُ مَن نصنَعُ خمْسَه. كلاّ ولا حتّى نخُطُّ سُدْسَه. في كابول قد كنّا أحجاراً. في رقعةِ شطرنجٍ أشباراً. نتعثّرُ إذ نمشي أمتاراً. قد صاغ اللاعبُ مِنّا أبطالا. صدّقنا اللُعبة حُمقاً وسِجالا. ونفرْنا ونَفرْنا خِفافاً وثِقالا. وتلونا الأحزابَ ورتّلنا أنفالا. وحسِبنا أنفسَنا أبطالا. فأضعنا مُفتاح الجنّة. وخَضَّبْنَا أيدينا بالحنّة.
جهادُ دجاجٍ أمريكي. ريجان يختالُ بعُرفٍ كالديكِ. قد أذّنَ في الناس بالعمرِةِ والحجِّ. يأتوك رجالاً ركباناً في الصّحو وفي العَجّ.. من كلّ بقاع الدنيا حتى من هذا الفجّ. فالبيتُ الأبيض معمور. يقصده نقيٌّ وتقيٌّ والمخمور. مَن طاف به سبعاً أفلح. مَن صلّى للكونجرس ينجح. بُرهان الدّين توضأ ثُمّ أجاب. سيّافٌ محظورٌ في الأمةِ أنْ يُغتاب. حقّاني يحضرُ يحضرُ ما قد غاب. وكرازي نال رضا أمريكا. يركعُ يسجدُ حسب المزّيكا. وكلُّ مَن قد نَفَر. وللحدودِ قد عبر. يبغِي الجهادَ مُستقَر. أو حورَ عينٍ منذُ نحر. فعاقلٌ لرُشْدِهِ قد عادَ. وأدركَ أنّ السياسيَّ فاجرٌ أو موسادَ. قد أعلن لكلّ حاضرٍ وباد.. هو الجهادُ إن شاء ساد وإن شاء باد. وأُسدلَ الستارُ وانتهت مراسم اللُعْبَة. وتفرّق الإخوانُ وتحاسد الصُحْبة. فقائلٌ هو ابتلاءٌ وكُرْبَة. وقائلٌ ثوابُ صبرٍ وقُرْبة. وحالت أمريكا دون المياه الدافئة. وأنشأت فلول جيش القاعدة. فنالت أمريكا كامل العلامة. وقد صدّق هذا الظواهري وقبله أسامة.
واليومَ داعشٌ أتت. بجُرمِها وقد بَغت. تُعيدُ فينا ما سَبق. …………….. انتهت المقامة وتبقى التذكير بما نحن عليه من «دِباشة»، ذلك أنّه ما من شيءٍ قد تغيّر؛ إذ الأدوات هي الأدوات والأدوار نفسها كما كانت عليه قبلاً.. ولئن كان ثمّة شيءٌ من تغيرٍ طفيفٍ فإنه في «الأسماء»؛ حيث استجدّت معها «ألقابٌ» صيغت على نحو أفخم من سابقتها! و«نحن» الذين قد تتلبّسنا «الخسارة» من عنان رؤوسنا إلى أخمص أقدامنا، وذلك بما كسبته أيدينا، فيما «الغنيمة» كلّها – كما هي العادة – تكون من نصيب الكبار صنّاع «السيناريو»!
إن العودةَ إلى دعاء القنوت – من صالحات أعمالنا – ولطالما هرعنا إليه – ديانة/ وسياسةً – منذ أفغانستان فأفقنا في صباح الغد وإذ هي «أفغانسيان»!! ثم جاء الابتلاء بـ «العراق»، فأجهدنا أنفسنا دعاء خالصاً فانقلب إلى «العراك»؛ إذ أوشك أن لا يكون فيه لعربيٍّ موطن قدم.. وهكذا «ليبيا» قد محضناها هي الأخرى دعواتنا، وها هي تترشح لتكون «أفغانستان» أخرى.. ولم ننس «اليمن» من قنوتنا، فدعونا لإخوتنا هناك، وما إن أنهينا «قول آمين» حتى ألفينا اليمن يخلع عن نفسه جلباب سعادته ليرتدي وِزرةَ تعاسته!!
واليوم «سوريا» – آه على الشام -، لن نتوقف بل سندعو لـ «حلب»، وإني لأخشى جراء دعواتنا أن يجري لجنوب «حلب» أشنع مما جرى لها..!
عفوا.. لست أنكر شأن «الدعاء»، ولو لم يكن من شأنه غير أن يُشعرنا بحق إخوتنا علينا لكن الذي أبتغي قوله هو: لن يجيب الله دعواتنا ما لم نتوافر على أسباب الإجابة، ما يعني أننا بحاجة إلى أن ندعو لأنفسنا بأن يُصلح الله فاسد قلوبنا ويهدينا صراطه المستقيم. ذلك أنّ الخلل فينا؛ إذ العيب قد ضرب أطنابه بدواخلنا حتى ألفناه وصار فينا سجيّة..!
نقلا عن "الشرق"

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up