رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عبدالرحمن الراشد
عبدالرحمن الراشد

الهجوم الكيماوي امتحان لترمب

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

عدا أنه محّرم في كل الظروف والمناخات، أيضاًلم نعرف منطق النظام السوري في استخدامه السلاح الكيماوي المحّرم، ضد المدنيين في إدلب. لم تكن قواته هناك في وضع حرج، ولا يشكل الموقع المستهدف مكسبا استراتيجياً لماذا يتحدى النظام المجتمع الدولي وهو الذي صار يقف إلى جانبه لأول مرة منذ قيام الثورة قبل أكثر من ست سنوات!إذن، لماذا استخدم الغاز السام ضد أحياء مدنية؛ الذي قتل أطفالاً ونساًء؟ لماذا غامر بارتكاب جريمة خطيرةربما تؤدي به إلى محاكمة دولية، لماذا فعلها وهو يعلم علم اليقين أنها ستحرج حكومات الدول الغربية التيتبنت موقفاًمهادناًومستعدة للقبول به، مخالفة بذلك رأي المنظمات الإنسانية والحقوقية، وجمهور كبير منالمثقفين والعامة هناك؟ في الحقيقة، لا نجد سوى دافع واحد خلف هذه الجريمة البشعة، وهو أن حلفاءه؛ إما الروس أو الإيرانيين، يريدون امتحان حدود الحركة والقرار عند الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وربما إضعافه وهو الذي سبق له أن انتقد الإدارة الأميركية السابقة على ضعفها وتخاذلها في الهجوم الكيماوي الأول. ما الذي يمكن للرئيس الأميركي أن يفعله؛ هل يعاقب النظام السوري مباشرة، كما تفعل إسرائيل عادة عندما تعد أنه يتخطى الحدود الحمراء، أم سيتخذ خطوة مضادة، مثلاً، بتسليح المعارضة السورية، أم يكتفي
ببيان توبيخي وإنذار لا يلزم حكومته بأي عمل مستقبلاً في حال تجرأ النظام على فعلها مجددا؟إنه امتحان صعب لترمب الغاطس في معارك داخلية متعددة، وربما يخشى أن تزل قدمه في معركة خارجيةفيغرق في رمال متحركة على الجبهتين.
قراءتي أن الهجوم الكيماوي على إدلب قد لا يكون إلا بداية لسلسلة من هجمات ينوي الخصوم إحراجه بها. لنا في حال وقعت مواجهات بحرية في مياه الخليج أو امتداداته، أو عمليات خطف ولن يكون مفاجئاً لأميركيين في لبنان، أو استهداف للقوات الأميركية في العراق المنشغل بحربه ضد «داعش». هذه كلها ضمن قدرات إيران التي سبق لها أن استخدمتها منذ مطلع الثمانينات عندما تولى «بروكسي» يمثلها في لبنان،وهو «حزب الله»، خطف عدد من الأميركيين؛ دبلوماسيين وأكاديميين، وكذلك قام بتفجير مقر المارينز فينفذ من خلال جماعاته عمليات دامية استهدفت بيروت. وعندما اختلف مع الحكومة الفرنسية، أيضاًفي أوروبا.
المدنيين في شوارع باريس، لا تقل بشاعة عما ارتكبه تنظيم داعش حديثاًوبالتالي، فإنهم في طهران وموسكو يدرسون ردود الفعل في واشنطن على جريمة إدلب: ما قدرة ترمب على المواجهة، وما حدودها؟ تمر به إدارة ترمب. وفي رأيي، كان الأجدر أن تستعرض قوتها قبل أن توافق وتقدم امتحان صعب جدا تنازلات لمحور دمشق، وليس العكس؛ فتسليح المعارضة السورية المعتدلة بأسلحةنوعية كاف لإرسال رسالةبأنه يمكن تغيير معادلة الحرب في سوريا وجعلها صعبة على الجميع لا على السكان المدنيين فقط.
والهجوم الكيماوي على إدلب لا بد من أنه يقلق كثيرين؛ لأنه يوحي بأن محور دمشق ينوي توسيع دوائر المواجهة، وليس كما ُيظن بأنه يحن للسلام

نقلا عن الشرق الأوسط

arrow up