رئيس التحرير : مشعل العريفي
 خالد السيف
خالد السيف

ترامب ليس شخصاً بل سياسة جديدة لأمريكا..!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

من السفه سياسياً بذل الوسع في الفصل ما بين أوباما في نسخته الأخيرة وبين ترامب الوجه الجديد لتوجهٍ أمريكيٍّ سافرٍ يتهيأ لمرحلةٍ مقبلة ستعيد من خلالها الإدارة الأمريكية قواعد لعبتها على نحوٍ يقتضي حلفاء جدداً سيخلفون مقاعد حلفاء لم تعد أمريكا معنيّة بشأنهم، كما كانت تضطرها قبلاً مصالحها التكتيكيّة وليس بخافٍ أنه ليس من قوانين اللعبة مؤاخذة أمريكا فيما تأتي وتذر، ذلك أنّ لكل لعبة لاعبين يتناسبون واستراتيجية اللعبة الجديدة التي لا يتقنها إلا الكبار! إلى ذلك.. فإن كلّ مَنْ تفاجأ بلقاءات أوباما – التي أجراها وصاغها جيفري غولدبرغ – في مجلّة «ذي أتلانتك» الشهريّة كان الأولى بمن فاجأته تلك (المقابلات) أن يكون قد فَقِهَ عن: «أوباما» سياستَه الخارجية قبل أن تصدمه فحوى مقابلاته من خلال مجرياتِ المشهدِ الخارجي للسياسة الأمريكية في سياقٍ من متواليات الحرائق الأمريكية ابتغاء أن تشتعل المنطقة كلُّها بكبريت استجلاب «فوضى خلاقة» استعداداً لإلغاء ما كان يُعرف قبلاً بـ «شرق أوسط» جديد لن تتحقق جدّته ما لم يقوّض بنيانه كلّه ليسقط سقفه على رأس حكومات المنطقة وشعوبها على حدٍّ سواء إذن فإنّ ما كان يروّج له بمصطلح «شرق أوسط جديد» كان كذبة كبرى، وطعماً ابتلعها حلفاء قد انتهى دورهم أو أنه قد تقلّص في حين كانت الحاجة ملحة لحلفاء جدد يضطلعون بعبْء حفظ «الأمن الإسرائيلي» على نحو يلغي كل تهديد يمكن في المستقبل أن يطول هذه الأخيرة!! وبمعنى هو أوضح من سابقه يمكن القول: لعل أوباما قد نطق هذه المرة بمنتهى الشفافية وبالإنابة عن: «البيت الأبيض» إذ قال «وداعاً للشرق الأوسط»!! ما يعني أنّه لا ثمة شرق أوسط لا قديم ولا حتى جديد، ذلك أنّ شيئاً آخر يطبخ – أو لعله قد طبخ – لمنطقة جديدةٍ تحتل ذات الموقع الجغرافي فيما ستظل مخلفات «الشرق الأوسط» تركة مثقلة بكل المآسي التي اجترحها «الأمريكي» بامتياز..! فإلى متى والعربي لم يعِ بعْدُ أن «أمريكا» وفق سياساتها المتعاقبة ما فتئت تكره «الشرق الأوسط «حداً تجاوزت معه كل مستويات الضغينة والاحتقار ازدراءً بالشعوب و«الحكومات» معاً ولعل صبر «الإدارة الأمركية» هي الأخرى قد نفد حيال هذا «الشرق الأوسط» المأزوم بفعلها ما دفعها تالياً إلى أن تعلنها – عبر أوباما – صريحةً دون غطاء من فذلكة لتعلنها مدويّةً بأنها قد يئست من إصلاح – هذا الشرق الأوسط – على أي نحوٍ وبأيّ اتجاه ذلك أنه شرقٌ أوسطيٌّ عصيّ على التغيير ومن هنا جاءت دعوة أوباما للسعودية وإيران بتقاسمه فيما بينهما وإلغاء أيّ شيء في المستقبل يحمل اسم «الشرق الأوسط»!! أن يُدافع الرئيس الأمريكي «أوباما» عن سياسته – المتخمة بكل الملفات الفاشلة – في نهاية ولايته أمرٌ ليس لأيّ أحدٍ أن يؤاخذه على ذلك، حتى وإن أربك الأوراق كلها فتلك سُنّة «أمريكية» درج عليها الرؤساء السابقون كلهم وليس أوباما استثناء.. وإنما المؤاخذة على مَن يُمارس نقده المتأخر لـ«أوباما» وكأنه لم ينكشف الغطاء عن «سياسة البيت الأبيض» إلا في المقابلة التي كان فيها أوباما بأقصى حالات تجليّاته ليبدو بملامحه الحقيقية التي شاءت له إرادة الإدارة الأمريكية أن يُنهي بملامحه الشيطانية تلك ولايته وهي نهاية تشي بكونها مقدمة لسياسةٍ جديدة تبتغي«أمريكا» من جرائها أن تدشن بها ولاية الرئيس المقبل من بعد حقبة «أوباما» ومن أجل هذا كان من الحمق سياسياً التعامل مع خطاب «ترامب» الصارخ على أنه نشاز، وهو لا يعدو أن يكون مفترق طرقٍ لتأريخ جديد، سيكون له ما بعده..! وحسبنا أن أوباما ومن كان قبله ومن سيأتي من بعده لن يصنعوا تاريخاً وإنما غاية طموحهم أن يدخلوا التاريخ من أوسع أبوابه وقد كان لهم ذلك، فيما صناعة التاريخ شأن موكل أمره إلى «إدارة البيت الأبيض» وهذه الأخيرة ليس من شأن سياساتها أن تتغير تاركةً كلّ ما يُظن أنه من قبيل المتغيرات في أداء «الرؤساء» راهنةً تأريخها ومستقبلها في «ثوابتها» الإمبريالية التي لا تحيد عنها قيد أّنملة!! وآية ذلك أنّ خطابات «ترامب» رغم تطرفها وجدت آذناً صاغية وأكفاً مصفقة بمنتهى الحرارة، وليس أدل على ذلك من حصده أصوات الأمريكيين في الانتخابات الجارية اليوم وليس ببعيدٍ فوزه إن أرادت إدارة البيت الأبيض بأن تسرع خطواتها نحو التخلّص من قلق «الشرق الأوسط»!!. بقي لي ما يُمكن إيجازه بالآتي: * الخطاب الأمريكي في سياسته الخارجية ثيمته الرئيسة تشي بأنّه خطاب مثقلٌ بأسباب القلق تجاه المنطقة برمتها، وإلا ما الذي يجعل (لقاء أوباما) وقد نعتته المجلة الشهرية «أتلانتك» بأنه «مذهب أو مبدأ أوباما» وأكرر ثانيةً سؤالي هاهنا لنتبيّن عناصر القلق في نفس الخطاب هو: ما الذي جعل أوباما يأتي على نقد – وتشريح كل أحد – باستثناء روسيا وطهران..!!؟ * قال أوباما في نفس اللقاءات «يُمكن للسعودية وإيران أن تتقاسما المنطقة» أيّ رئيسٍ يتمتع بمنتهى الصفاقة «الإمبريالية» لا يجد الجرأة أن يتفوّه بمثل هذا..؟! لو لم يكن «الشرق الأوسط» في جردة حساباتهم مجرد تركة ورثها «أوباما» عمن سبقه من أجداده الرؤساء لينتهي بتلك «التركةالإرث» الحفيد «أوبما» في وصيته الأخيرة إلى أن تصبح شأناً سعودياً إيرانياً يتقاسمانها فيما بينهما بالسويّة وبحميمية علاقة باردة!! وليس الأمر كما يبدو لك وإنما هي صورة من المكر الأمريكي إذ يود العقل الأمريكي النفعي أن تتحقق نبوّتهم في «انتهاء الشرق الأوسط» على يد الشرق أوسطيين فيما بينهم، ليتفرغ الأمريكان مستقبلاً لمسمى كبير وهو «آسيا» وبس..!! على حين تبقى «إسرائيل الكبرى» هي المنطقة وهي الشرطي في آن..!! (ستقول لك ظنونك أني قد بالغت كثيراً وإني وإياك لمن المنتظرين)!! * مع كلّ هذا فإنّ العرب ما زالوا ينتظرون نوفمبر بفارغ الصبر ليصوتوا لـ«هيلاري» بدافعٍ من خوفهم من «ترامب» وبعدم رغبتهم بـ «ساندرز» على الرغم من أنّ «هيلاري» لا تختلف كثيراً عمن يشاركها الانتخابات باستثناء خطابها المخاتل فهي من بيت زوجيٍّ قد خبُر كيف يكون الظفر بشرائط الفوز.. وما من أحدٍ له شيءٌ من متابعة يجهل أنها ذات ولاء يهوديِّ صرف ذلك أنها تدين لهم بالفضل، حيث إنها لم تتمكن من دخول مجلس الشيوخ إلا عبر بوابة نيويورك اليهودية، كما أنّ حملاتها الانتخابية تدار عجلتها بدعم سخيٍّ من المال اليهودي!! * ما إن أنهيت قراءة مقابلة «أوباما» حتى وجدتني أكتب ما يلي: وقال «أوباما» لما انقضت ولايته صحيح أني وعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم.!!
نقلا عن الشرق

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up