رئيس التحرير : مشعل العريفي
 خالد السيف
خالد السيف

حتى «الجن» لهم خصوصيّة..!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

قال جنيٌّ لآخر: أنتَ في السعودية فابتسم، وكان بالجوار منهم جنيٌّ لم يناهز الحُلم بَعْد هو الآخر قد ابتسمَ دون أن يكون الكلام موجّهاً إليه، ثم ما لبث هذا الجنيّ الصغير أن مطّ لسانه سائلاً الجنيَّ (العود) بقوله: يا عمّ أنتَ توّاً قد قلتَ لكلّ جنيٍّ قد استقرّ في السعودية أن: «يبتسم» فماذا عن النفر الآخرين من الجنّ ممن كان قدرهم السّكنى خارج السعودية؟! أحرامٌ هو عليهم الابتسام؟ ولِمَ جعلتَ التّبسم خاصاً بمن كان من الجنّ في السعودية فقط؟! سعل الجنيّ الكبير فانبعثت من لهاته لهبة نارٍ فما كان منه إلا أن بلعها ثم تجشأ، وقبل أن يُجيب حمدَ إبليس وتعوّذ من شر الإنسان «الرحيم».. وكان متكئاً ثمّ ما لبث أن جلس.. وراح يُجيب تفصيلاً بصوته الخشن قائلاً: أيْ بُنيَّ لئن كان للإنس ممن يقطنون السعودية خصوصية – بسببٍ من هذه الأرض النفطيّة المباركة – فإنّ أثر هذه الخصوصيّة قد أدرك إخوانهم من الجنِّ ولقد أحصى أحدُ الفقهاء من بني جلدتنا ما ينيف على سبعين خصيصةً يتمتع بها الجنّ المقيمون في السعودية، وذلك ما لا يُعرف لبقية أهلنا من الجن في غير السعودية.. وسأذكر لك بعضاً منها بشيءٍ من إيجازٍ على هذا النحو المجمل:
* ما شاعت الرُّقى وتفاقم أمرها في بلدٍ حتى صار لها قُرّاءٌ اختصاصيون يقصدهم الدهماء استشفاءً.. وبأرياقهم يشتغلون تجارةً رابحة لا خاسر فيها إلا التوحيد.. وعلى خفّة عقول الناس يتقوّتون.. ما شاعت الرّقى على هذا النحو الطاغي حضوراً إلا وأتاح للجنّ إمكاناتٍ عاليّةً من: «التلبّس» وبكثرةٍ شكّلت ظاهرةً يشهد عليها الثقلان.. ومن أجل هذا – يا بني – فإنّه ما من جنيٍّ في السعودية أيّاً تكن رتبته إلا وهو لا يشكو عطالةً فكلّ أحدٍ ينتسب لـ «الجن» ولو بالرضاعةِ هو في حالة استنفارٍ من العمل الدؤوب الذي لا ينبغي له أن ينقضي إذ بات أفراد قبيلتنا يتقاسمون جغرافيا السعودية بكلّ اتجاهاتها الأربعة عملاً بالاتفاق – في الباطن – مع الرقاة من الإنس لا قلّلهم الله ذلك أنّنا بهؤلاء الرقاة المزيّفين نُسجل أعلى نسبة تلبّس في العالم الأمر الذي يجعل الأنس يرهبوننا ولا نزيدهم رهقاً.
* في السعودية – يا ولدي – استثناءً دون غيرها من بلدان العالم كلّه ما يمكن معه القول: بأنك لا تكاد أن تجد فيها جنيّاً إلا وقد ضمن له «سَكَناً» في جسد إنسيٍّ/ وإنسيّة في حين ما زال بقية «الجن» عالمياً يشكون أزمة إسكانٍ تُنذر بهجرةٍ جماعية قد يتمّ تدشينها قريباً من «جنّ العالم» باتجاه الأراضي السعودية، حيث الأجساد الغضّة الطريّة السمينة من فئة الخمس نجوم، التي كأنها في حياتها وطريقة عيشها قد أّعدّت لتكون سكناً للجنِ ومستقراً دائماً للأجيال المتعاقبة من نسل إبليس!
* يحظى الجنُّ في السعودية على جملةٍ كبيرةٍ من امتيازاتٍ لا يُمكن لها أن تتوافر لسواهم.. ولعلّ من أبرز تلك الامتيازات: أن القضاة – في المحاكم الشرعية – ومن كان في مكانتهم مستوىً قد أذنوا لفروعنا من «الجن» في السعودية بأن يتلبّسوهم في السرّاء والضّراء.. ولا تثريب حينئذ على أيّ واحدٍ من الجنّ ممن ابتغى البركةَ إن هو قد أطال المكث في جسد فضيلة الشيخ القاضي أو كاتب العدل ذلك أنها أجسادٌ غضّة ويظهر عليها السّمن.
* ظاهرة التديّن التي ما انفكت تعمر الديار السعودية طولاً وعرضاً قد تجاوزت بصحوتها ما فوق الأرض فنفذت بسلطان الاستقامة إلى ما تحت الأرض فشمل التديّنُ إخوانكم من «جنّ السعودية» على نحوٍ لم تشهده القرون المفضّلة.. ومن مظاهر هذه الصحوة المباركة التي طالت الجن فغمرتهم ببركتها: أنّ حضور الجن ختمات الشيخ أحمد الحواشي بجنوب السعودية في رمضان هذا العام – بشهادة العدول من محبي الشيخ – قد فاق الحضور من الإنس ولم يكن هذا الأمر بدعاً فلقد أخبرنا الثقات من الجن بأنّ طائفةً من صالح الجنّ قد نفروا ليتفقهوا في الدين فثنوا الرّكب بين يدي الشيخ ابن باز -عليه رحمة الله-.. ولقد كان لإخوانكم من الجنّ قدم صدقٍ في المشاركة في بدء ثورات الربيع العربي إذ ظهروا في كثيرٍ من الساحات بلباس أبيض يصدحون بالتكبير حتى ظنّهم «الإنس» تأييداً ملائكياً.
وبعد ما أنهى شيخ الجن إجابته انبعث صوت متحشرجٌ من مكانٍ قصيّ لجنيٍّ هرمٍ تجاوز المئتين يقول: ياليتني كنتُ فيها جذعاً – أحبّ وأضع – آه آه.. يا ليتني معهم في السعودية فأفوز فوزاً عظيماً.
نقلا عن "الشرق"

arrow up