رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عبدالحميد العمري
عبدالحميد العمري

تأهب المملكة للمستقبل

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

بدأ تأهب المملكة لخوض آفاقها وتطلعاتها المستقبلية مبكرا، تحديدا قبل نحو عامين من تاريخ اليوم، شخصت في تلك المرحلة تحدياتها على المستويات كافة، وحددت أهدافها الاستراتيجية، وما تشهده وستشهده في الوقت الراهن من تغييرات مباركة على مستوى القيادات، يعد امتدادا لما سبق إنجازه وما سيُستكمل بإذن الله تعالى، ضمن منظومة واسعة جدا من التطوير والتغيير الشامل الواسع النطاق، يمكن وصفها حقيقة بأنها إدراك حصيف، ووعي استطلاعي مسؤول، قبل القول إنها استجابة "سعودية" اقتضتها التحولات العميقة التي مر، ولا يزال، بها العالم من حولنا، وهي كذلك دون أدنى شك؛ كوننا ننتمي إلى هذا العالم المتغير على الدوام، ولا يمكن لأي جزء من العالم المعاصر النأي بنفسه ومقدراته عن التطورات الجارية، والآثار الناتجة من تلك التحولات العالمية، يكمن الاختلاف في المحصلة النهائية لكل بلدان العالم ومجتمعاته كنتيجة؛ حسب الموقع الذي سيؤول بمصير كل بلد أو مجتمع في نهاية الأمر "مرحليا" في سلم ترتيب الأمم حضاريا وتنمويا، سيكون اللاعب الرئيس هنا أو عنصر الحسم، منهجية كل بلد من بلدان العالم على مستوى قيادة وإدارة وتوظيف إمكاناته ومقدراته المتوافرة، أخذا في الاعتبار ما يواجه راهنا وسيواجه مستقبلا من تحديات ومعوقات قائمة أو محتملة. أدرك العهد السعودي الراهن أبعاد حاضره ومستقبله، إدراكا أخذ في عين الاعتبار مكونه الفتي النابض بنحو ثلاثة أرباعه من شريحة الشباب، وأيضا التحولات الهائلة التي يمر بها العالم من حوله إقليميا ودوليا. لتواجه المستقبل بقلب واثق، وعقل واع مسلح بالعلم والمعرفة وسعة الأفق، لا طريق أمامك إلا بزيادة تمكين الشباب! تتحقق شروطه العملية على مستوى هرمه ممتدة من ثم إلى قاعدته العريضة التي تستحوذ على أكثر من 72 في المائة من شرائح المجتمع السعودي. إن أردت البقاء في هامش حركة العالم تاريخيا، ورغم أن ذلك قد لا يكون مضمونا في الظروف التي يمر بها العالم المعاصر، فليس عليك سوى الارتخاء في إحدى زوايا العالم، وانتظار ما يأتيك من متغيرات وتطورات ومستجدات، وبناء عليها ليكن أساس وجودك مجرد ردود فعل حسبما يتوافر لديك من موارد. أما إن أردت أن تكون شريكا عالميا منافسا، فليس أمامك إلا أن تجدد على الدوام منظومة تفاعلك داخليا وخارجيا، وهذا له شروطه الحضارية التي لا يُقدم عليها إلا من كان ذا شجاعة وإقدام. أن تعتاد التجديد والتغيير في حياتك الخاصة، فأنت دون أدنى شك ستكون على موعد لصقل شخصيتك، وتعزيز ثقتك بالنفس؛ ما يؤهلك لتخطي كثير من التحديات مهما كانت جسيمة! ويؤهلك بدرجة أكثر أهمية للابتكار وغرس روح المبادرة في أدق تفاصيل ذاتك، إضافة إلى زيادة جذوة الطموح دون توقف نحو الأفضل، وزيادة طاقتك على المنافسة مع الآخرين، وتلك هي باختصار شديد أهم السمات اللازمة للشخصية القيادية. حينما يصبح الأمر ذاته على مستوى الدولة والمجتمع، فإن المكتسبات تصبح أكثر وأوفر، بما يسهم في إيجاد بيئة أكثر نجاحا لأي إنسان طموح، حتى من تأخرت ولادة روح الطموح في داخله ستجد أنها أكثر تحفيزا لتتقدم، لا أن تتحطم وتنتكس على عقبيها. إنها التحولات التي ستقود إلى زيادة الخيارات الناجحة والطموحة أمام الإنسان ليتفوق، على عكس البيئة التي تضمحل فيها الخيارات، ليتحول الإنسان من مشارك في التنمية وصنع الحضارة إلى مجرد مدافع عن مقدرات وجوده! سنلمس - بحول الله - بُعد النظرة الصائبة للقيادة الرشيدة، وسيتصاعد صداها كل ما امتد بنا الزمن في تخوم المستقبل، وستدوّن ذاكرة السعوديين مستقبلا القيمة النوعية التي أنجزها القائد الأول "سلمان بن عبدالعزيز" لأجل بلاده وشعبه، وأنها ستبقى إحدى أهم نقاط التحول المفصلية في تاريخنا الطويل. تمتلك هذه البلاد وأهلها من الإمكانات والموارد ما لم يتوافر منه كثير لعديد من البلدان، ويتطلب حسن استغلالها وإدارتها برؤية شابة وطموحة الكثير من الشجاعة والصبر والعلم والمعرفة، ليتحقق كل هذا؛ لا بد أن تتوافر لدينا جرأة وشجاعة تفوق في ثقلها ووزنها تلك المتطلبات! سيأخذ "رتم" حياة هذه البلاد وأهلها نمطا من الحيوية والتجديد، يعود "برتمه" إلى حياة السعوديين في النصف الثاني من السبعينيات الميلادية، التي شهدت تحولات تنموية متسارعة، إلا أنها في هذه التجربة الجديدة تختلف عن تلك المرحلة البعيدة العهد اختلافا بالغ الأهمية، اختلافا مصدره الإنسان السعودي! ففي تلك المرحلة البعيدة الزمن لم يكن المجتمع السعودي على مستوى الأهلية اللازمة من حيث التعليم والمعرفة؛ ما اضطر البلاد آنذاك إلى استقدام ملايين العمالة الوافدة المتعلمة. فيما ترى اليوم عهدا من الزمن مختلفا تماما، ففي الوقت الذي غلب على العمالة الوافدة اليوم تدني مهاراتها العلمية والمعرفية، تجد أن السعوديين يتميزون بارتفاع التعليم والمعرفة على عكس آبائهم وأجدادهم في ذلك العهد البعيد! لهذا سيكون الإنسان السعودي ذكرا أو أنثى على موعد حقيقي لتحمل مسؤولية النهوض بمقدرات بلاده، وسيكون على موعد حقيقي للفوز بفرصة زيادة خياراته الحضارية، فالفرص تزداد أمامه يوما بعد يوم، وتتوسع عاما بعد عام، وهو ما كانت إمكاناته أضعف من اليوم ومستقبلا إلى وقت قريب، والأمل معقود، بحول الله، لأن يتوافر مزيد من الفرص الإيجابية أمام شبابنا ذكورا وإناثا، وأن تزداد فرص تمكنيهم عبر الزمن القادم، وأن تجد في أنفسهم أرواحا مبادرة، وأنفسا تواقة طموحة، وأن تكتمل تلك الصورة مع زيادة الدعم والتأهيل والرعاية والتمكين لشرائح الشباب! لنطمئن ونكون على قدر عال من الإيمان بالله، والتوكل عليه جلت قدرته، ثم في قدرة هذه البلاد الخيرة قيادة وشعبا، أن المستقبل سيكون أفضل وأجمل بتوفيق الله وفضله. حفظ الله بلادنا وأهلها وشبابها، ووفقها للنهضة والتقدم والسداد في كل أمورها. والله ولي التوفيق.
نقلا عن الاقتصادية

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up