رئيس التحرير : مشعل العريفي

عراب صناعة النفط في العالم .. تعرف على الخبير الذي يقصده الجميع في مجال البترول

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

صحيفة المرصد - هافينغتون بوست : لا أحد في صناعة النفط لديه علاقات أكثر من غاري روس.
تضم شبكة علاقات روس الكرة الأرضية كلها؛ فهو الخبير في اقتصاد الطاقة الذي بدأ مشواره في نيويورك أثناء فترة مضطربة واجهتها صناعة النفط في سبعينات القرن الماضي، ومعارفه كُثُر: من العائلة المالكة في السعودية إلى المُنقِّبين في غرب تكساس وتُجَّار النفط في وول ستريت.
يقول روس: "يمكنني أن أمسك الهاتف وأتصل بأي شخص في هذا المجال، لأنني أعرف الجميع".
ويعتمد مؤسس الشركة الاستشارية PIRA Energy Group البالغ من العمر 68 عاماً على قائمة اتصالاته واسعة النطاق ليُعلِن توقعاته الشهرية لأسعار النفط. وأصبحت تقاريره تلك مقصداً للقائمين على صناعة الحفر، والتكرير وتجارة الطاقة، وكل من تعتمد أعمالهم على سعر النفط الخام.
ويقول مُشترِكون في خدمة الحصول على تلك التوقُّعات إنَّ الحصول عليها قد تصل تكلفته إلى أكثر من 50 ألف دولار سنوياً، وفقاً لما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.
وأكد ستانلي دراكنميلر، المُستثمِر منذ زمنٍ بعيد، المدير السابق لصندوق استثمار الملياردير جورج سوروس: "لن أقوم بعمليةٍ كبيرة تعتمد على أسعار الطاقة دون أن أتحدَّث معه".
وأضاف سكوت شيفيلد، المدير التنفيذي المتقاعد مؤخَّراً لشركة النفط والغاز Pioneer Natural Resources أنَّ توقُّعات روس ساعدت في إقناعه بداية 2014 للتحوُّط ضد هبوط أسعار النفط الخام. وقدَّر شيفيلد أن تلك الخطوة قد حقَّقت لشركة Pioneer نحو 1.8 مليار دولار حينما هبطت الأسعار بأكثر من النصف.
وقال شيفيلد: "إنَّه يعرف الجميع، خصوصاً في بلدان الشرق الأوسط. وهو على اتصالٍ مستمر معهم".
ويوضح البعض أنَّ توقُّع روس الخاص بهبوط الأسعار في 2014 هو ما ارتقى به إلى مكانةٍ متميزة. فخلال زيارةٍ إلى الرياض ذلك العام قال روس للمسؤولين السعوديين إنَّهم سيتعين عليهم تخفيض إنتاجهم بصورة كبيرة إذا ما رغبوا في الحافظ على السعر العالمي عند 100 دولار للبرميل.
وكان ردَّ الفعل الفاتر من المسؤولين السعوديين هو أول مؤشِّرات روس على أنَّ الأسعار الأعلى كانت هي الأولوية الأولى للمملكة. وعندما أعلنت شركة النفط السعودية الحكومية في وقتٍ لاحق أنَّها خفَّضت الأسعار لبعض العملاء، قال روس إنَّه كان يعرف أنَّ السعودية كانت تعطي الأولوية للحفاظ على حصتَّها في السوق على حساب دعم الأسعار.
وقال: "كانت تلك إشارةً كاشفة".
وجنى روس أموالاً العام الماضي 2016 من خلال بيعه لشركته إلى شركة S&P Global Platts المتخصِّصة في مجال التزويد بالبيانات في مجال الطاقة مقابل مبلغ لم يُكشف عنه. ويعمل الآن رئيساً لقسم النفط العالمي بالمجموعة. وقال روس إنَّه ليست لديه خطط للتقاعد أو حتى لتقليص دوره.
وقال بعض التجار والمحلِّلين في مجال النفط إنَّ علاقات روس الوثيقة والمعروفة في صناعة النفط لم تُسعفه دوماً. ويشيرون إلى أنَّه ربما كان قد اقترب أكثر من اللازم من بعض الأطراف، إلى درجةٍ تؤثِّر على تقديراته، وتجعله في حالةٍ من التعارُض المُحتمل للمصالح.
وأوضح إد مورس، الرئيس العالمي لأبحاث السلع في مجموعة Citigroup، أنَّ فهم مجموعة PIRA، وهي شركة روس، للأسواق لا مثيل له. لكنَّ - وفقاً لمورس - التعاطي المتفائل كثيراً لروس مثَّل "نقطةً عمياء" لطَّخت سجله. وقال موريس إنَّ PIRA كثيراً ما تبالغ في تقدير الطلب على النفط الخام.
وحتى توقُّع 2014 الشهير لروس لم يجرِ تماماً كما توقَّعه. فبحلول منتصف 2015، حينما بلغت الأسعار 60 دولاراً للبرميل، قال روس إنَّ "انتعاشاً" كاملاً (لأسعار النفط) كان مُقبِلاً. وتوقَّع في وقتٍ لاحق أنَّ الأسعار سترتفع إلى 75 دولاراً للبرميل في 2017. وبدلاً من ذلك، هبطت أسعار النفط مُجدَّداً، الأمر الذي أجبره على التراجع عن توقُّعاته المتفائلة.
وقال روس إنَّه تفاجأ بالرياح المتغيِّرة في الاقتصاد في ذلك العام، لكنَّه حوّل تركيز حديثه سريعاً على هبوط الأسعار في السوق إلى 26 دولاراً في بدايات 2016. وقد رفض الانتقاد القائل إنَّ توقُّعاته كانت مُبالِغة في التفاؤل، قائلاً إنَّه توقَّع حالات كسادٍ كبير عامي 1986، و2008.
وأضاف: "بالتأكيد لن تكون مُحِقَّاً في كل شيء".
وروس متفائلٌ الآن من جديد. فقد توقَّع أن تصل أسعار النفط الخام إلى 70 دولاراً بحلول نهاية العام حينما تجني اتفاقات المُصدِّرين الرئيسيين للنفط حول تخفيض إنتاجهم ثمارها.
وقال روس إنَّ بعض الأساسيات تحكُم حركة أسعار النفط. وهو يُوظِّف أحد أكبر فرق العمل في الصناعة لوضع تقديرات مجموعة PIRA الخاصة بها للعرض والطلب على النفط، مُوظِّفاً ما يصل إلى 40 شخصاً في الوقت الذي يتقلَّص فيه حجم الصناعة.
لكنَّ ما يُميِّز استنتاجاته حقاً عن منافسيه هو محادثاته الشخصية مع المسؤولين الصينيين، إذ إنَّهم زعماء أوبك وباقي الأطراف الأخرى في الصناعة الذين قد يؤثِّرون على آرائه وتوقُّعاته النهائية، وهو ما يُطلِق عليه مارك شوارتز، الرئيس العالمي للمحتوى التحليلي في شركة S&P Global Platts، بـ"العوامل غير القابلة للقياس" التي تُميِّز مجموعة PIRA.
ويمكن لتوقُّعات PIRA أن تُحرِّك سوق النفط، خصوصاً حينما تُقدَّم إلى جمهورٍ عريض خلال مؤتمرها السنوي. وذكر أحد التُجار منذ بضع سنوات رؤيته لزيادة الأسعار بـ50 سنتاً للبرميل بعدما تحدَّث روس في أحد تلك الفعاليات، وأنَّ تعليقاته قد ملأت موقع تويتر.
لم يكن يبدو أنَّ روس مُتَّجهٌ للدخول إلى مجال النفط. فقد وُلِد في بروكلين، بولاية نيويورك، وحصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة مدينة نيويورك، حيث شارك في بحثٍ عن تأثير المراهنة الممنوعة على سباقات الخيل على حضور هذه السباقات. وكاد يحصل على وظيفة في مدينة لينكسينغتون، بولاية كنتاكي، في مجال سباقات الخيل.
لكنَّ روس قرَّر أنَّ هناك أموالاً أكثر يمكن جنيها في مجال الطاقة، الذي كان يشهد فترة من التغيُّرات السريعة. إذ كانت منظمة الدول المُصدِّرة للنفط (أوبك) تؤكِّد للمرة الأولى قدرتها على تحديد الأسعار. وكانت الرقابة التي طُبِّقَت على الأسعار في الولايات المتحدة بداية السبعينات في طريقها إلى أن تُرفَع. وستبدأ بورصات العقود الآجلة بعد ذلك بفترةٍ قصيرة في طرح عقود النفط، وهي خطوة باتجاه جعل النفط استثماراً مالياً.
بدأ روس حياته المهنية في شركة استشارات يديرها والتر ليفي، الذي يعتبره الكثيرون عميد الاقتصاديين النفطيين في الولايات المتحدة، وعمل بعد ذلك في شركة استشارات خاصة بمجال البتروكيماويات. وفي عام 1976 ساهم روس في بدء مجموعة PIRA، وهي شركة استشارية انبثقت عن مؤسسة Petroleum Industry Research Foundation غير الربحية.
وقال روس: "بالأساس صعدتُ على متن الطائرات وسافرت حول العالم. وكان الشعر الذي يتم الترويج باستخدامه "بإمكاننا جني المال لك. نصائحنا تؤتي ثمارها".
وأكد أندرو هول، أحد أبرز تُجَّار النفط، أنَّه يتحدَّث مع روس شهرياً، وأحياناً عدة مرَّات خلال الأسبوع الواحد حينما تكون الأسواق في حالة تغيُّر مستمر.
وأضاف هول أنَّه في حين يكون الكثير من المُحلِّلين النفطيين خائفين من اتِّخاذ موقف، فإنَّ روس "يختصر الأمر بالأساس إلى رأي واضح حول ما إذا كانت أسعار النفط سترتفع أم ستهبط. والأمر يتطلَّب شجاعة معينة لفعل ذلك".
ويراه آخرون في مجال التنبؤات النفطية على أنَّه مُتبجِّحٌ للغاية. فقال مورس من مجموعة Citigroup: "سيكون غاري أكثر روعةً إذا اعترف بأنَّه يُخطئ أحياناً".

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up