رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عقل العقل
عقل العقل

أرقام «مفزعة» للطلاق في مجتمعنا

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

كشف التقرير الشهري الصادر عن وزارة العدل أن إجمالي عدد صكوك الطلاق الصادرة من محاكم مناطق المملكة خلال شهر ربيع الأول الماضي بلغت 3989، وذكر التقرير أن 81 في المئة من حالات الطلاق سجلت لطرفين سعوديين، أي ما يعادل 3246 صكاً، وبيّن التقرير أن إجمالي عدد صكوك الطلاق منذ بداية العام الحالي بلغ 14102.
الأرقام أعلاه لا تكذب، وتعطي دلالات خطرة ومهددة لـ «مؤسسة الزواج» أساس أي مجتمع، لست من المرجفين في حق مجتمعنا، ولكن من المهم الالتفات إلى معالجة ومعرفة الأسباب الحقيقية للطلاق في مجتمعنا، وهل هناك تساهل خاصة من المتزوجين حديثاً لمفهوم الطلاق؟ لا يوجد عندي خلاف أن الطلاق شرع لأسباب واقعية، بحيث لا يمكن أن تستمر الحياة بين طرفين في حالات معينة، وقد يكون الطلاق هو الحل المثالي لهذه العلاقة.
للأسف هناك «قلة» واضحة في الدراسات الاجتماعية لدينا التي تتعاطى مع حالات الطلاق، فلا توجد مراكز دراسات اجتماعية معتبرة، وجامعاتنا لاسيما أقسام الدراسات الاجتماعية نادراً ما نقرأ دراسات منها حول هذا الموضوع، وإذا ما صدمتنا أرقام الطلاق مقارنة بحالات الزواج والتي تصل في بعض الفترات إلى 30 في المئة، نسمع تعليقات وأسباب الطلاق بشكل مكرر وممل ولا جديد فيها، إذ إن البعض يردد دائماً أن ذلك بسبب نقص في الدورات التأهيلية للمقبلين على الزواج، وهذا التبرير فقط نسمعه لدينا، وقد نكون نحن المجتمع الوحيد الذي يردد هذا السبب، ويا حبذا لو نعرف نسب الطلاق لدى الأزواج الذين حصلوا على مثل هذه الدورات، وإما أنها فقط كلام يردد بلا معنى.
قد أميل إلى مثالية بعض الأزواج في الاهتمام بشكل الزوجة دون الاهتمام بشخصيتها، وقد يفاجأ الزوج بأنها ليست بذلك الجمال الباهر الذي وضعه في مخيلته، على رغم أن بعضهم أشكالهم عادية أو أقل من عادية، إلا أنه يطلب مقاييس جمال على شاكلة تلك الممثلة العالمية. أتذكر إحصاءً نشر قبل سنوات أن الرجل البريطاني يركز على شخصية المرأة قبل شكلها، وكلنا نعرف أن الجمال يمكن التلاعب فيه بالماكياج ومواد التجميل.
كنت في نقاش مع بعض الأصدقاء حول هذه الأرقام المفزعة للطلاق في مجتمعنا، أحدهم، وأنا أميل إلى تفسيره، يرجعها أو على الأقل أنها عامل حاسم في الطلاق وهو قضية العامل الاقتصادي، فقد تكون المرأة متعودة على حالة اقتصادية جيدة، وتتمتع بحقوق السفر للخارج في كل إجازة، وعندما تنتقل إلى بيت الزوج قد لا يستطيع أن يوفّر لها مثل هذه المتطلبات وتبدأ المشاكل بينهما، وبعض الأزواج لظروفهم العملية والوظيفية هم في بدايتها، فتكون مداخيلهم متدنية في بعض الأحيان ولا يستطيع توفير بعض مطالب زوجته التي يرى أنها غير مهمة.
أنا من المؤمنين أن عمل المرأة ووجود وظيفة لها توفّر لها دخل ثابت وتعطيها الإحساس بالإنسانية وأنها مشاركة في التنمية، هو من العوامل المهمة في استقرار الحالة الزوجية، أما أن تترك الزوجة في بيتها وبين الجدران لساعات لحين عودة زوجها من عمله منهكاً، فهذا الجو الكئيب لحالة الزوجة سينفجر في أي لحظة ويدمر العلاقة.
البعض يرجع أسباب ارتفاع الطلاق، خاصة لدينا، بسبب وسائل التواصل الاجتماعي، وقبله كانوا يرجعونه إلى ما تشاهده المرأة من مسلسلات تلفزيونية، وهذه باعتقادي أسباب ساذجة، فالعالم كله يتعاطى مع هذه الوسائط، ولم نسمع أنها كانت سبباً بالطلاق بالشكل المطلق، ومن ناحية أخرى كأننا نشكك في قيمنا ومبادئنا ونصورها بالهشة والتي تكون ضعيفة وعرضة للسقوط الأخلاقي جراء وسائل التواصل الاجتماعي.
مع خروج المرأة للعمل واكتسابها الثقة بنفسها ووجودها في مراكز العمل وتواصلها المباشر مع نظرائها الرجال، قد تكون فرصة الاختيار حقيقية وتصمد أمام منغصات وظروف الحياة القاسية، من تجربة بعض بنات أقارب وأصدقاء تزوجن من زملاء لهن في العمل أجدها من أنجح العلاقات وأكثرها سعادة وصموداً.
نقلا عن الحياة

arrow up