رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عقل العقل
عقل العقل

الحُديدة.. والطريق إلى صنعاء

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

بـ«تخطيط» عسكري متقن استمر أشهراً، ها هي الحديدة ومطارها المهم تسقط في يد قوات الشرعية اليمنية. قد يعتقد البعض أن هناك تأخراً في حسم المعركة هناك، ولكن هذا التأني هدفه تجنب سقوط المدنيين في المدينة، وباعتقادي أن هذا ما تراهن عليه جماعة الحوثي الإرهابية، والجميع يتذكر قبل أيام عندما بدأت عملية تحرير الحديدة شنّت وسائل إعلام غربية وعربية متعاطفة مع هذه الجماعة مدعومة بتقارير لمنظمات حقوقية بأن القتلى والنازحين في الحديدة سيصل عددهم إلى الالاف، ولكن مثل هذه الاكاذيب تبخرت؛ فقوات الشرعية تسيطر على المطار وعلى المدينة بالمعنى العسكري ولم يبق إلا تطهيرها من الجيوب الحوثية أو على الأصح من بقاياهم التي ضحت بهم قيادتهم لتكون جثثهم نقطة التباكي والمظلومية على الساحة الدولية.
إن معركة الحديدة تبين كيف تفكر الدولة وبين عقلية الميليشيات والتي تنظر إلى أفرادها وكأنهم أرقام الهدف الرئيس منهم هو للدعاية المظللة. كلنا نشهد العبث والإرهاب الذي تمارسه هذه الجماعة ضد سكان المدينة، فهي تتمترس في المناطق السكانية وتستخدمهم دروعا بشرية لعل وعسى أن يسقطوا ضحايا حتى يتم استغلالهم سياسياً وإعلامياً.
منطق الدولة مختلف كليا، فحتى مع التفوق العسكري والسياسي فحكومة الشرعية وخلفها التحالف العربي تعمل على مسارات عدة عسكرية وسياسية وإنسانية، فنجد سفن الشرعية تقف على أهبة الاستعداد وهي محملة بالمساعدات الإنسانية، وعلى الجانب السياسي يعمل التحالف العربي على تسليم مدينة الحديدة لطرف ثالث، ولكننا نجد التعنت والغباء من قيادة هذه المجموعات الارهابية.
المبعوث الدولي يتردد على صنعاء هذه الأيام ليس لإملاء الشروط، ولكن للوصول إلى حل سياسي دائم مبني على قرارات الشرعية الدولية ومخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية والتي تنص في مجملها على نزع سلاح الحوثي وجماعته والعودة إلى طاولة المفاوضات السياسية، فلا يمكن أن يفرض فصيل صغر حجمه أو كبر شروطه المسبقة على الشعب اليمني بقوة السلاح.
سقوط الحديدة سيكون نقطة فاصلة ومهمة في الملف اليمني، والوضع بعدها سيتغير وسنشهد انهيارا في صفوف الحوثي لا يتخيله متابع؛ فقطع «شريان» الدعم الإيراني وحزب الله سيجعل الحوثي معزولاً، إذ استنفدت شعاراتهم السياسية لدى جمهورهم، فإيران الداعم الرئيس لهم يعاني من الضغوط الدولية وآخر أولوياتها هذه الجماعة، ولكن هؤلاء قوم لا يفقهون فحينما أصبحوا وقوداً للسياسة الايرانية تخلت عنهم عندما اهتزت عروشهم في طهران.
مشكلتنا في العالم العربي هي وجود ميليشيات وأحزاب تقفز على الدول وتحاول أن تخطفها وتفرض أيديولوجياتها الدينية والسياسية، كما هي الحال مع حزب الله في لبنان أو كما تحاول جماعة الحوثي مناغمته، التاريخ يعطينا أمثلة كثيرة أن هذه الجماعات إلى زوال، وللأسف مع نهايات كارثية والضحايا بالآلاف من المدنيين أو من المخدوعين بهذه الأيديولوجيات الشمولية.
نقلا عن الحياة

arrow up