رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عقل العقل
عقل العقل

رجال الأعمال والتهديد بالخروج من السوق

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

جمعتني في الفترة الماضية لقاءات مع بعض رجال الأعمال، كما استمعت إلى تسجيل صوتي لأحدهم، وجميعهم يرددون نغمة تهويلية أن أوضاع السوق المحلية تعيش حالة من الركود، مرجعين سبب ذلك إلى الرسوم التي فرضتها الدولة على العمالة، وكذلك الرسوم البلدية وغيرهما، إضافة إلى الضغط الحكومي على القطاع الخاص لتوظيف السعوديين، وهذا باعتقادي هو دور الجهات الرسمية في أية دولة بالعالم، فلا يمكن أن تسكت الدولة على البطالة ونسبها التي ترتفع كل عام مع وجود ملايين من العمالة الوافدة، كما أننا مللنا ترديد هذه الاسطوانة ولكن القرار هو في يد الدولة حتى لو كان على حساب جزء من الأرباح التي يحققها القطاع الخاص، فهذا أقل ثمن يقدمه رجل الأعمال لهذا البلد الذي مارس فيه تجارته لسنوات طويلة من دون رسوم أو ضرائب.
عشنا تجربة وزارة العمل في سعودة وظائف القطاع الخاص، وكلها فشلت للأسف بسبب التفاف التجار عليها بالتوظيف الوهمي في شركاتهم برواتب متدنية جداً، إذ لا يتطلب من السعودي أو السعودية العمل الفعلي، كلها أرقام وهمية وضحك على الجهات الرسمية بأنهم حققوا نسب سعودة في شركاتهم، والنتيجة هي توزيع رواتب متدنية على بعض من سجلوهم في شركاتهم وتعويد هؤلاء الشباب على الاتكالية والكسل وهم في مرحلة عمرية تعتبر القمة في الإنتاجية، كما لا يمانع بعض هؤلاء التجار من توظيف الأجانب برواتب متوسطة، وقد يكون الأجانب هم أصحاب العمل الحقيقيون، والشاهد أننا كلما شهدنا سعودة قطاع معين نجد أن أغلب محال ذلك القطاع تغلق، فأين ومن هم أصحابها الحقيقيون.
أحد التجار يقول إنه لا يمكن أن يستمر في السوق في حال نزول هامش ربحه، وإن شركته ليست جمعية خيرية، وأعتقد أن هذا من حقه ونشكره على هذه الشفافية المرتفعة، ولكن نقول إن اقتصادنا الوطني يعاد تشكيلة بحسب رؤية اقتصادية يقودها ولي العهد من أهدافها الرئيسة هو توظيف الشباب في القطاع الخاص، وقد لا تكون النتائج آنية ولكن قرارات السعودة لقطاعات عدة على السعوديين هي باكورة نتائجها، فكلنا يعلم أن التوظيف في القطاع العام متضخم جداً وأصبح يمثل حملاً ثقيلاً على الدولة، والحل هو في إعادة هيكلة اقتصاد وطني يقف قوياً ومسانداً للدولة وليس العكس كما كانت الحال في السابق، فإذا توقفت الدولة في ضخ السيولة توقف وانشل الاقتصاد المحلي.
نتمنى أن يأتي يوم تكون فيه الشركات السعودية العملاقة في كل القطاعات، وألا تترك السوق لبعض ضعفاء النفوس همهم الأول هو ألا يتأثر ربحهم ويبدون امتعاضهم من الجهات الرسمية عندما فكرت أن تضع حدا أدنى لرواتب موظفيها السعوديين.
قبل أيام قرأت إحصاء حديثاً صادراً من المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ذكر فيه أن عدد السعوديين الذين يتقاضون رواتب شهرية لا تتجاوز 3 آلاف ريال في سوق العمل 806742 عاملا وعاملة، فيما يصل مجموع السعوديين في القطاع الخاص إلى 1.762 مليون موظف وموظفة، أي أن 46 في المئة منهم يتقاضون أقل من 3 آلاف ريال في الشهر، هذا هو واقع السعوديين في القطاع الخاص.
أيها التجار لا داعي لخوفكم من أن يرفع الحد الأدنى لأجور السعوديين إلى ستة آلاف ريال، فقد تم رفض هذه التوصية التي قدمها الدكتور فهد بن جمعة والتي تطالب بهذه الزيادة في مجلس الشورى قبل أسابيع، ويا خوفي أن الـ800 ألف سعودي وسعودية بهذه الرواتب المتدنية هم في الغالبية توظيف وهمي، وهذا الوضع لا يمكن الاستمرار فيه حتى لو خرج بعضكم من السوق بسبب تناقص أرباحكم.
نقلا عن الحياة

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up