رئيس التحرير : مشعل العريفي
 فهد الأحمري
فهد الأحمري

أثر القرارات الاقتصادية على المواطن

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

لا يلزم أن تكون متخصصا في الاقتصاد حتى تدرك الأضرار المالية التي حدثت لاقتصادات دول العالم بأسره، ومنها المملكة العربية السعودية، جراء الركود القاسي للنشاط الاقتصادي بسبب تداعيات فايروس كورونا. القرارات الاقتصادية الطارئة المتضمنة، تعليق بدل غلاء المعيشة ورفع الضريبة إلى 15 % هما في الواقع لمصلحة المواطن بالدرجة الأولى على المستوى القريب والبعيد.
الكل يدرك خطورة الأمر في جوانب عديدة وأهمها الأمن الصحي والقومي والغذائي والتنموي وعصبها كلها الجانب الاقتصادي.
وإذا كانت هذه القرارات الاقتصادية تدعم أمننا بجوانبه المتعددة فما المانع أن يضحي مواطن متقاعد بـ500 ريال شهرياً بدل غلاء معيشة (مؤقتاً)، لتعزيز قطاع الصحة لحمايته وأسرته ووطنه من وباء كورونا؟.
ما المانع أن يضحي موظف بـ 1000 ريال شهرياً بدل غلاء معيشة (مؤقتاً) لمساندة القطاع الأمني والعسكري لحمايته من أعدائه في الداخل والخارج؟
كيف لا يضحي مواطن بـ10 %، ضريبة إضافية، على مشترياته من أجل دعم اقتصاد وطنه لتوفير وظائف لأبنائه وبناته؟
كيف لا يضحي مواطن لبيب بهذا المبلغ الزهيد لرفد اقتصاد وطنه لتوفير مسكنه وأسرته في برنامج وزارة الإسكان التي تجاوزت 780 ألف وحدة سكنية؟
كيف يضن مواطن حصيف بهذا المبلغ اليسير لمساندة قطاع التعليم لإكمال دوره في تعليم أبنائه وبناته؟
قل هذا عن الأدوار التنموية المختلفة والدعم الإنساني الذي تقدمه الدولة للمحتاجين في برامج الضمان الاجتماعي.
حقيقة أن القرارات جاءت أقل حدة من المتوقع. لقد كانت التوقعات تسير باتجاه قاس على المواطن إلا أنها جاءت مغايرة لتوقعات الاقتصاديين في الداخل والخارج، حتى عن توقع وزير المالية نفسه، والذي صرح عن قرب اتخاذ إجراءات صارمة ومؤلمة. لقد عالجت القيادة الأزمة دون المساس بمسار التنمية ولا بمرتبات المواطنين والمستفيدين من شبكة الحماية الاجتماعية.
لا يختلف اثنان على أن الأزمة قاسية على العالم بأسره، ونحن لسنا بمنأى عن هذا العالم، وبالتالي فإن اتخاذ إجراءات تساعد على التصدي للمخاطر التي قد تزعزع أمننا الصحي والقومي والاقتصادي، يعد أمراً طبيعيا للحفاظ على أولوياتنا الثلاث السابقة والمضي في خطط بلادنا التنموية القادمة.
على مسار التأريخ، تعرضت بلادنا لأزمات أمنية واقتصادية غير أنها تجاوزتها بسلام وجنبت الوطن والمواطن مخاطرها، ووقفت الدولة أمام مسؤولياتها باقتدار دون المساس بالتزاماتها المادية تجاه مواطنيها، والذين استشعروا أيضاً مسؤولياتهم لمؤازرة وطنهم في تلك الأزمات ومنها حرب الخليج الأولى ومواجهة التطرف بمراحله المختلفة.
تبعات القرارات الضريبية الأخيرة قد تمس التاجر أكثر من غيره، إلا أنه يعلم أن المكتسبات التي حققها تمت بفضل الله ثم بفضل وطن قدم له الفرصة الكاملة لتحقيق تجارته، وقدم له الاستقرار الأمني والاقتصادي وسن القوانين والأجهزة العدلية التي تحمي منشآته التجارية والصناعية.
التاجر الوافد يثمن الخيرات التي اكتسبها على الأراضي السعودية، والتاجر السعودي يضيف على هذا بأنه مواطن بار يقف لمؤازرة وطنه، والوطن هو الأب الكبير الذي يعوّل على أبنائه البررة الأوفياء وإدراكهم للأزمات التي يمر بها البيت الكبير، عرفاناً وتقديراً للعطاء والتضحيات المتواصلة، وحباً وكرامة لموطن يتطلع أن يراه على القمة دوما وأبدا.
نقلاً عن الوطن

arrow up