رئيس التحرير : مشعل العريفي
 فهد الأحمري
فهد الأحمري

المشاركة المجتمعية: عناية نموذج

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

لم أكن أتخيل ذلك الجهد العظيم والدور الفعّال الذي تقوم به جمعية خيرية صحية لخدمة المجتمع حتى تشرفت- مع زملاء إعلاميين- بزيارة الجمعية الخيرية لرعاية المرضى «عناية»، والتي يستفيد منها أكثر من 150 ألف فرد من مرضى غير قادرين على تحمل نفقات العلاج وشراء الأجهزة والمستلزمات الطبية التي يحتاجون إليها. لدى الجمعية 127 استشاريا، وأضعاف هذا الرقم من الأخصائيين والفنيين وخلافهم. لا يقتصر عمل «عناية» على التطبيب فحسب بل هناك خدمة الإمداد بالأجهزة التعويضية والمساعِدة، فضلا عن خدمة التوعية والتثقيف الصحي ومكافحة الأوبئة وتدريب الكوادر وتأهيلها، وإقامة الندوات والمؤتمرات، علاوةً على توفير خدمة التمريض للمرضى المزمنين والمقعدين ومن لا عائل لهم. اطلعت أيضاً على مشروع «المركز الصحي الخيري» والذي تقوم فكرته على تأسيس مراكز صحية في بعض الأحياء القديمة لتقديم الخدمات الصحية الأولية، بالإضافة إلى الخدمات الطبية المتخصصة والإسعافية والجراحية للمرضى من فئة الفقراء والمحتاجين. هناك أيضا مشروع «تشغيل مستوصفات وعيادات خيرية» بالتنسيق مع المستشفيات الحكومية والأهلية والجمعيات الخيرية. لم تقف الخدمات الصحية لدى «عناية» عند انتظار قدوم المريض بل بادرت بـ «العيادة المتنقلة» لبعض المرضى الذين يصعب وصولهم إلى خدماتها الصحية، بل لقد تجاوز العلاج الخيري لدى هذه الجمعية لدرجة الوصول للمريض إلى سدة بابه عبر مشروع «الرعاية الصحية المنزلية»، لتقديم الرعاية الصحية المنزلية للمسنين والمعاقين وذوي الأمراض المستعصية والمزمنة، وتقديم الخدمات التأهيلية والوقائية لهم. في ملتقى القطاع الصحي غير الربحي الذي افتتحه وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة مؤخراً، شاهدنا مجموعة من المبادرات الرائدة لمتبرعين تجاوز عطاؤهم الإنساني 250 مليون ريال في الجانب الصحي الخيري. وفي السياق غير الربحي أيضا تحققت 4 آلاف عملية بمشاركة مجتمعية، ما أدى إلى تقليل الانتظار في كثير من المستشفيات وساهم في رقي الخدمات الصحية. الأمر الذي يزيد طمأنينة أن الوزارة ماضية بجدية لتحويل العشوائية في الأعمال التطوعية إلى عمل منظّم متناسق وتفعيل دور القطاع الربحي لخدمة الإستراتيجية الوطنية للتطوع الصحي، بالإضافة للتطوع الاحترافي للممارسين الصحيين من خلال التبرع بالوقت، علاوة على تطوير عمل بنوك الدم، والذي سيكون نقلة كبيرة في عالم التبرع والتطوع، كما أفادني متحدث الصحة مشعل الربيعان. التطوع أو «المشاركة المجتمعية» كما يحسُن تسميتها، حركة خدمية غير مالية وغير إلزامية أيضا، يمارسها الفرد لخدمة مجتمعه حبا وكرامة وشهامة. في مجال التطوع، الشخص الواحد قد يصنع الفرق والمبادرات الاجتماعية الكبرى، عادة ما تبدأ بنشاط فردي. في اليابان مثلاً، أثناء إعصار تسونامي: أحدهم قاد سيارته لمساعدة الناس، ونجح بمجهوده الفردي في إنقاذ العشرات، وبعد خروجه للإعلام للتحدث عن تجربته؛ تحركت الحكومة اليابانية لدعم النشاط، مما أغرى أصحاب العمل للسماح لموظفيهم بتقديم ساعات عمل لخدمة المجتمع. في أميركا؛ كان لمبادرة طلابنا السعوديين يدا بيد ‪(Hand by Hand)‬ الأثر الكبير لخدمة المجتمع الأميركي عندما انطلقت المبادرة، حصرياً، على المبتعثين السعوديين في واشنطن، ثم امتدت خدماتها وعضويتها لتشمل عموم المجتمع الأميركي في 51 ولاية. الكثير يعتقد أن العمل التطوعي فائدته تنحصر على المتطوع من حيث بناء شخصيته وزيادة خبراته الميدانية، بالإضافة للفائدة الاجتماعية والثقافية لمجتمعه، بينما العمل التطوعي يمتد إلى دعم اقتصاد البلدان. في أميركا مثلا، بلغت ساعات التطوع عام 2015 ما يقارب 8 مليارات ساعة تطوع، قُدرت تلك الساعات بـ 180 مليار دولار، شارك فيها 63 مليون متطوع بمعدل 2‪.‬5 ساعة تطوع للفرد أسبوعيا. هذه الإحصائية الرسمية عن حجم العمل التطوعي في أميركا لسنة واحدة تجعلنا ننظر لحجم العائد الاقتصادي التطوعي لبلدنا. وبحسب بيانات الهيئة العامة السعودية للإحصاء، بلغ متوسط الأجر الشهري للسعوديين 9‪,‬884 مما يعني أن الساعة الواحدة تقدر بـ 43 ريالا تقريبا، وحين يتطوع مليون شخص بساعة واحدة من وقته في الأسبوع لخدمة المجتمع وفق ما يُجيده، فإن هذا يعني مليون ساعة في الأسبوع وهو ما يعادل 43 مليون ريال، ويساوي 2‪,‬236 مليار في السنة، وحين يتبرع الفرد بساعتين في الأسبوع فإن الرقم يصل إلى 4‪,‬5 مليارات ريال سنويا، والساعات الأربع تعادل 9 مليارات ريال سنويا وهكذا. عزيزي القارئ؛ 5 ديسمبر من كل سنة هو يوم التطوع العالمي. في ذلك اليوم، تستطيع سرد عدد الساعات التي قدمتها للمشاركة في خدمة مجتمعك.
نقلا عن الوطن

arrow up