رئيس التحرير : مشعل العريفي
 فهد الأحمري
فهد الأحمري

لماذا نفتح السياحة في بلدنا

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

لا بد أنك سافرت إلى بلد ما ولديك تصور ذهني مسبق عن ذلك البلد وعن شعبه، لكنك عند وصولك وإقامتك تجد أن انطباعك قد اختلف عن الصورة الذهنية المسبقة لديك، سواء في طبيعة البلد أو طبيعة شعبه.
لا شك أن لدى الشعوب الأخرى صورة نمطية ذهنية عن بلدنا وشعبه، سواء أكانت تلك الصورة إيجابية أو سلبية، ونحن كذلك نحمل صورا نمطية معينة عن بعض البلدان والشعوب الأخرى.
ربما بيننا والآخر سوء فهم متبادل، وبالأخص المجتمع الغربي. وعند التأمل نجد أن سوء الفهم هذا قد نجم من خلال مسألتين أساسيتين تثيران مخاوف كل طرف. الغرب يقف منا موقف الريبة بسبب تصاعد المد الأصولي الراديكالي المتطرف من بعض الأفراد المحسوبين على مجتمعنا. وفي المقابل نجد أن بعض أفراد مجتمعنا يسيء الظن بالغرب سياسيا واجتماعيا وعقديا جراء الغطرسة الغربية والإصرار على الهيمنة وحروبه العدوانية، العسكرية منها والاقتصادية.
في المجتمعات الغربية نجد أن الصورة الذهنية عن بلدنا وشعبه يغلب عليها تصورات جمعية سلبية يغذيها الإعلام المعادي لبلدنا، صاحبتها تغذية سلوكية فردية من بعض مواطنينا، متضافرة مع موجات التشدد السابقة والتي تحاول بلادنا القضاء عليها.
إن الصور السلبية عن بلدنا وأهله لا تنحصر في جانب التشدد الديني فحسب بل في جوانب متنوعة، منها أننا بلد منغلق ومنكفئ على ذاته، بلد ناشئ بلا حضارة ولا تاريخ يذكر، صحراء قاحلة تنعدم فيه صور الطبيعة والتطور والمدنية، شعب متخلف وكاره للغير سيما المختلف عنه عقديا، قمع حرية المرأة السعودية المهمشة حقوقها وسط مجتمع ذكوري متسلط، مؤسسات دينية متشددة تُخرّج المتطرفين السعوديين المتواجدين في مناطق الصراع هنا وهناك، وغيرها من الأساطير عن الوطن والمواطن السعودي.
لقد بذلت الدولة كثيرا من الجهود لتصحيح تلك المفاهيم المغلوطة من خلال إنشاء المراكز المختصة لمحاربة أنواع التشدد والتطرف، وإرسال الوفود الرسمية لهذا الغرض، غير أن الدور الرسمي يبقى محدود النتائج لأن الآخر يرى تلك الأعمال الرسمية من زاوية سياسية مبعثها قائم على التلميع.
يأتي السؤال وما هو الحل لإقناع تلك الأمم وغيرها، شرق المعمورة وغربها شمالا وجنوبا، ببراءة بلدنا ومجتمعنا من تلك الصور السلبية المتعددة؟
الحل، من وجهة نظري، يكمن من خلال القاعدة العريضة للأمم وهي الشعوب لأن الاختلاط بين الشعوب المتباينة والتعامل فيما بينها نتج عنه إيجابيات عدة في تجارب مختلفة.
يقول المثل «ليس من رأى كمن سمع» ولهذا أدركت الدولة الحاجة الماسة لفتح باب السياحة لاستقطاب الشعوب بتأشيرات ميسرة لزيارة بلدنا لهدف تحسين الصورة النمطية السلبية عن السعودية وعن الإنسان السعودي الشهم المضياف، مما لا يستطيع الإعلام نقله لكون التأثير الشعبوي غير الرسمي أبلغ من أي جهود رسمية.
صحيح أن للسياحة المحلية عوائد اقتصادية هائلة غير أن العوائد الفكرية لها أهميتها البالغة.
وعند الحديث عن الجانب الاقتصادي أتذكر سؤال أحد الفضلاء، هل مجتمعنا متهيئ لتقبل السائح الغربي؟ فقلت قد لا ينتظر أن يتهيأ بل سيجد نفسه مرحّبا بالسائح والسياحة إذا علم أن هناك مليون وظيفة في انتظاره وانتظار أبنائه وبناته وأقربائه، سيكون مبتهجا بالسواح حين يدلفون إلى بقالته أو مطعمه أو متجره أو حتى بسطته المتواضعة. سيغمره السرور حين يستوقف السواح عربته الأجرة وغيرها من العوائد المادية المباشرة وغير المباشرة. سيدرك المعترض على السياحة حين يعلم بخطورة الاعتماد على النفط، وأن هناك مرحلة قادمة تسمى «مرحلة ما بعد النفط»، والتي قد لا تتمكن الدول النفطية «البحتة» من تسيير شؤونها، ولا من دفع مرتبات «صاحبنا المعترض» ولا غيره من الموظفين.
نقلا عن الوطن

arrow up