رئيس التحرير : مشعل العريفي
 د. محمد العوين
د. محمد العوين

قطار أوروبا السريع وقطار الخليج المنتظر!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

كان القطار الخليجي فكرة عبقرية أو حلماً جميلاً من الأحلام الرائدة لربط شعوب دول مجلس التعاون بعضهم ببعض، ثم لربط السكك الحديدية لدول مجلس التعاون بالسكك الحديدية للدول العربية المجاورة.
فهل يمكن أن يتحول الحلم الجميل الذي تبرعم قبل خمس سنوات إلى واقع حقيقي مطلع عام 2018؟! سبقتنا الدول الأوروبية بالتوصل إلى تطبيقات عملية لمفهوم « الوحدة « في مجالات كثيرة ونجحت في كثير منها؛ لعل أبرزها القطار الأوربي السريع الذي سبق قيام الاتحاد الأوروبي بسنوات طويلة، واستدعت تنفيذه المصالح الاقتصادية بالدرجة الأولى، والاقتصاد وحده يبدو الدافع الأول للسير في طريق التنسيق والتقارب وتيسير تبادل المنافع وتعزيز مكامن القوة وتقريب وجهات النظر السياسية بين دول الاتحاد الأوروبي، وقد تولدت فكرة التنسيق والتكامل بينهم بعد الحرب العالمية الثانية؛ فتشكلت السوق الأوروبية المشتركة 1957م انطلاقا من جمعية الفحم والفولاذ الأوروبية، وانتهت الضرورات الاقتصادية والسياسية والعسكرية إلى توقيع معاهدة الاتحاد الأوروبي 1993م ويكون مقره بروكسل وليصل عدد الدول المنظمة للاتحاد إلى 28 دولة متحدثة بـ 24 لغة، وشكلت دول الاتحاد الأوروبي القوة الأكبر في حلف شمال الأطلسي « الناتو « الذي تم الاتفاق عليه 1994م واتخذ من بروكسل مقرا له أيضا، وتطور التنسيق والتكامل إلى تطبيق لأبرز صور الوحدة الأوروبية بالعملة الأوروبية الموحدة « اليورو « وتأشيرة السفر الموحدة « الشينجن « عام 1995م.
وحين نتأمل منطلقات الوحدة وأساسياتها المفترضة التي نهض عليها مفهوم « الاتحاد الأوروبي « نجدها ضعيفة ولا تشكل قواسم مشتركة بين ما يقرب من ثلاثين دولة؛ حيث نجد تعدد اللغات ( وليس اللهجات ) أكثر من 24 لغة، وتعدد الديانات، وتعدد الأعراق، وكثافة هائلة من الصراعات والنزاعات التاريخية بين عدد غير قليل من دول الاتحاد؛ وعلى الرغم من ذلك كله، وبعد آلام الحروب الساحقة ومنها الحربان الكونيتان، ولعدم تكرار حماقات كونية جديدة وللحافظ على تصاعد وتيرة النهضة والتقدم والتنمية وتوفير الرفاه لشعوب أوربا تمت تنازلات كثيرة من دول عديدة عن مطالب وثارات وإحن تاريخية، وغلب العقلاء أهمية البقاء أقوياء على أي اعتبار آخر يضعف من قوة أوروبا موحدة.
بينما نجد أن المنطقة العربية كلها؛ وليست دول مجلس التعاون فحسب تتكئ على مؤسسات وحدوية قوية؛ فالدين واللغة والتاريخ واحد، والجغرافيا ممتدة ومتجاورة، والعادات والتقاليد متقاربة، والتكامل الاقتصادي باب مفتوح وواسع بين دول جامعة الدول العربية.
ولأن التجارب الوحدوية العربية السابقة - مع الأسف - قد منيت بفشل ذريع؛ فإن الأمل في تطبيق مفهوم اتحادي أو تكاملي أو تعاوني يتنامى ويكبر ويتسع بين دول المجلس الأكثر تقاربا وتشابها والتقاء، ويظل الأمل القائم الذي يكون من منظومة دول الخليج الست قوة متماسكة متضامنة متحدة في المواقف والقرارات المصيرية، ومنطقة ناهضة متقدمة، تسعى إلى الإفادة من كل الفرص الاقتصادية المتاحة لتطوير مشروعات التنمية والتكامل الاقتصادي وتحقيق الرفاهية والرخاء لشعوب دول المجلس.
وفي أجواء التفاؤل والأمل المورق بكل خير نبتت قبل خمس سنوات فكرة الربط الحديدي بين دول الخليج الست، وأكد البيان الختامي لقمة دول مجلس التعاون السابعة والثلاثين التي عقدت في المنامة السادس والسابع من ديسمبر 2016م في الفقرة رقم 18 على أهمية التزام الدول الأعضاء بتنفيذ مشروع سكة حديد دول مجلس التعاون، وقرر إحالته إلى هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية لوضع الآلية اللازمة لاستكمال تنفيذه في موعده المحدد « يتبع نقلا عن الجزيرة

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up