رئيس التحرير : مشعل العريفي
 د.بدر بن سعود ال سعود
د.بدر بن سعود ال سعود

قمة النمور العربية

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

قمة بغداد في الـ27 من يونيو الماضي استمرت ليوم واحد، ولكنها جاءت مكملة لمجموعة من القمم التشاورية التي عقدت في القاهرة، وعلى هامش اجتماع الأمم المتحدة في نيويورك، ومن ثم في الأردن، وبالتالي فالقمة تحمل الرقم أربعة، وهو رقم كبير، فالاجتماعات ما بين مصر والأردن والعراق بدأت منذ ما يقارب السنتين، وقد اشتمل البيان الختامي للقمة الأخيرة على 29 توصية، وناقش قضايا كثيرة إلا أن الأمور الاقتصادية كانت الأهم في جدول أعماله، رغم حضور السياسة ومكافحة الإرهاب، بالإضافة لقضايا الأمن المائي والغذائي والدوائي والكهربائي.
المنطقة العربية محل تنافس إقليمي، وتحديدا من قبل إسرائيل وتركيا وإيران وإثيوبيا، ولا بد من تحالف عربي فاعل يقف ضدها، والمفروض أن يتم توسيع الدائرة لتشمل المملكة ودول الخليج، فمن غير المقبول أن تحتكر الصادرات التركية والإيرانية السوق العراقي، والواجب إحلال صادرات العرب محلها، وبطبيعة الحال الدول لا تتعامل مع بعضها بمنطق الأعمال الخيرية، والعلاقات فيما بينها تتشكل وفق المصالح الوطنية لكل دولة.
المشكلة في المشروعات العربية أنها عاطفية وتتأثر بالشعارات في معظمها، وهذه اللغة لا تناسب المرحلة الحالية وأولوياتها المصلحية والبراغماتية، وقمة بغداد انحازت لمسار المنافع المتبادلة، وذلك بأن تعود العمالة المصرية إلى العراق، وتعمل على إعادة إعماره مقابل النفط، ويكون الأردن وسيطا للعمليات اللوجستية، وهناك تعاون قديم بين دول القمة البغدادية في شركة الجسر العربي للملاحة، والتي تم تأسيسها في 1985، والشركة تملك أسطولا لنقل البضائع والسياح، وهذه الفكرة الرائدة تستحق الاستنساخ على المستوى العربي، وعلى طريقة النمور الآسيوية.
العراق ومصر لديهما معاناة مشتركة، وربما ساهم التحالف العربي المصغر في حلها، فكلاهما مهدد في أمنه المائي من قبل تركيا وإثيوبيا، وتدفقات نهري الفرات والنيل ليست مستقرة، لأن الأنهار العربية تأتي من بلدان غير عربية، وعادة ما يتم التلاعب بهذه المسألة لأسباب مختلفة، وبما لا يُعطي العرب حقهم في الاستخـدام العادل للمياه، ويوفر السد العالي للمصريين حصة تقدر بنحو 55 مليار متر مكعب، ما يعني أن نصيب الشخص الواحد لا يتجاوز 500 متر مكعب، وهذا بحسب معايير الأمم المتحدة يمثل فقرا مائيا مدقعا، وهو ما يفسر موقف مصر المتشدد من الملء غير المنضبط لسد النهضة الإثيوبي، الذي سيجبر الدولة المصرية على استهلال احتياطي السد العالي، المخصص لسنوات الجفاف ويجعلها بلا كهرباء.
الدول العربية الناضجة ومن بينها المملكة تحتاج إلى خطاب اقتصادي مفتوح لا تقيده ارتباطات بدول معينة، حتى لا يخسر استثمارات وأسواق مهمة لم يضعها في حساباته، ومن الأمثلة، الدخول إلى تحالف العراق ومصر والأردن، من خلال مجلس التنسيق السعودي - العراقي، وخصوصا فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب وأمن الحدود بين الدولتين، وكذلك المساهمة في إعادة الإعمار والاستثمار في المدن الصناعية الجديدة.
نقلاً عن الرياض

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up