كيف يكون التطوع قوة ناعمة؟

يُكتسب التأييد بإحدى ثلاث طرق؛ هي الإجبار، الإغراء، والإقناع.. وهذا الأخير(الإقناع) ينبني كثيراً على الإعجاب، حتى يتقمص الطرف الآخر الموقف ويؤيده ويضحي من أجله.. وهذه هي "القوة الناعمة".. التأثير في الآخرين من خلال استثارة إعجابهم وكسب ولائهم تجاه المواقف والأفكار. ويعد العمل التطوعي أحد وسائل القوة الناعمة؛ إذ إن القوة الناعمة الكامنة في التطوع تأتي من جهتين؛ الأولى فلسفة داخلية قوامها تحقيق الذات والشعور بلذة العطاء والاضطلاع بدور في خدمة المجتمع تثير الإعجاب وتزيد الشغف وتجعل الدافعية للعمل التطوعي أكبر، والثانية أن التطوع برمته يكسب الفرد والمجتمع سمعة حسنة ترسم صورة ذهنية جميلة مدادها حب العطاء والكرم والجود والأريحية. فلسفة الدافعية في التطوع هي التي جعلته أحد أهم المبادئ السبعة للعمل الإنساني؛ حيث الجاذبية الكبيرة المتمثلة في الخيرية والرضا وحالة السرور التي تنشا في نفس المتطوع بعد كل مبادرة تطوعية.. وقد قيل "أسعدُ الناسِ من أسعدَ الناسَ".. وكأن التطوع مرآة تعكس السعادة في وجه المتطوع؛ لتكون لذة العطاء تفوق لذة الأخذ.. وهذا سر قوة العمل التطوعي. والشباب في كل مجتمع هم عماده ومستقبله.. ولا يفتأ الأعداء عن محاولات استمالة الشباب للتأثير السلبي في صحته وأفكاره؛ ليكون سلبياً تجاه مجتمعه، أو معول هدم والعياذ بالله. لذا فإن القوة التوجيهية في العمل التطوعي تضبط بوصلة الشباب من اللااتجاه أو الاتجاه السلبي إلى الاتجاه الإيجابي في خدمة الوطن والمجتمع وتزكية النفس. ثم إن التطوع قوة ناعمة دولية لأنه يرسم الصورة الذهنية لدى المجتمعات بشكل إيجابي؛ فالمجتمع الذي ينتشر فيه العمل التطوعي ترتسم صورته بأنه مجتمع معطاء كريم سمته البذل والإيثار. ويمثل التطوع الخارجي الذي تقدمه السعودية من خلال "مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية" قوة ناعمة تؤثر في تلك المجتمعات التي تقدم لها الجهود الإغاثية مباشرة، وكذلك تؤثر إيجاباً في سمعة السعودية كدولة مانحة لدى المجتمع الدولي. وينقل العمالة في السعودية صورة إيجابية عنها إذا رجعوا إلى أوطانهم، من خلال ما يعايشونه من كرم أهلها المتمثل في العمل التطوعي بكافة أشكاله. وكذلك ينقل حجاج الخارج ما يعايشونه من كرم السعوديين المتمثل في العمل التطوعي في خدمة ضيوف الرحمن؛ ليكون التطوع في الحج أحد وسائل القوة الناعمة السعودية التي تساهم في بناء الصورة الذهنية الإيجابية. فيما تشكل الأعمال التطوعية التي يقوم بها السعوديون في الخارج، سواء الطلاب أو غيرهم قوة ناعمة تساهم في بناء صورة ذهنية جميلة السعودية وأهلها.