رئيس التحرير : مشعل العريفي
 خالد السيف
خالد السيف

لئن كانت «عنيزةُ» باريسَ نجدٍ فإنّ «بريدةَ» نيويوركُهُ..!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

قال الريحانيُّ كلمتَه ثمّ رحل.. بينما بقينَا نتقلّب على «جمر الغضى» ليسَ لنا من الأمر إلا الرّمل تذروه الرياح فيستقرّ في حدقاتنا فلا نكادُ نرى إلا «المصفّر» (مِكشاتاً) ليبقى أسطورة لـ«نفرٍ من الجِن» يستمعون فيه لـ «سامريٍّ» غير الذي كانوا قبلاً قد سمعوه في «الوادي» أو في «الحوطة»!
فقال عفريتٌ من الجن (اللي ما براسه طرب قليل أدب) أو كلمةً نحو هذه، إذ تفوّه بها وهو ينصت لشاعرهم علي الخياط (راعي البندق) هذي عنيزة ما نبيعه بالزهيد ** لا فرعن البيض نحمي جالها
مهما يكن من أمرٍ فإنّه لا ينبغي – بأيّ حالٍ – أن يفهم من ذلك أن «الريحاني» قد (وهّقنا) بجملةٍ قد قالها في مقابل جميل احتفاءٍ لم يكن قد ألِفَه من ذي قبل، بخاصةٍ أنّ مدناً/ وهجراً قد زارها في ذات التوقيت غير أنّها لم تكن – تلك الهجر والقرى – لتحفِل لمقدمِه إذ لم تكترث له ولم يكن بالمرّة يعنيها مجيئه، حيثُ ما لبثت أن أعطتْهُ «امقفاها» غير عابئةٍ به ولا بما سيُدوّنه لاحقاً!! عطفاً على ما كانت تحمله تلك المدن/ والقرى والهِجر عن أولئك «الرحالة» من سمعةٍ سيئةٍ تجعل منهم – باستمرارٍ – موطن شُبهةٍ يجب الحذر منهم، فضلاً عن أنّ إكرامهم يُعدُّ من قِبل آخرين «مثلباً» قد يطال صفاء المعتقد بما يُلوّثه!!
المؤكد أنّ «الريحاني» قد رأى في «عنيزة» ما لم يره الآخرون فـ«باريسيّتُها» لنجدٍ يُمكن أن يعكس جماليات (الصورة) الأخاذة التي استقرّت في حدقتي «الريحاني» وهو يولّيها دبرَه عائداً لـ «باريس» الحقيقيّة!
وليس ببعيدٍ – وفق أستاذيّته المتعالية – أنّه أرادَ بهذا «التشبيه» فعلاً «تحريضياً» من شأنه أن يأخذ بـ «أبناء عنيزة» إلى آفاقٍ هي أرحب مما عليه مَن كانوا بالجِوار نظير أنّه قد (تنبأ) فيهم أهليّةً كفيلةً بأن تجعل من «عنيزة/ معشوقتهم» البوابّة التي ينفذ من خلالها ضوء «التنوير» ليشع سطوعاً على بقية مدن المملكة العربية السعودية! ما يعني أنّ الأمر في التشبيه مردّهُ إلى «ناسها» وقابليّتهم لصناعة هذا «التمييز» وليس رهاناً على استنبات «برج» يكون شقيقاً لـ «إيفل» ليستقرّ وسط شانزليزيه «البراحة»!! على أيّ حالٍ.. لنطرح «ثيمة هذه المقالة» بسؤالٍ هاهنا مكانه: إلى أيّ مدى قد تحققت «نبوءة الريحاني»؟!
بجد لستُ أملك أيّ إجابةٍ يُمكنُ أن أراهن على صوابها الأمر الذي يدفعني لركل الكُرَةِ في مرمى «أبنائها» ذلك أنهم الأكثر كفاءة في الاستعدادِ لصناعة إجابةٍ غير منحازة! كُلّ الذي أعرفهُ عن نفسي هو حبّي لهذه المدينة «الوادعة/ الواعدة» ولعله السببُ الذي لا يفتأ يُحرّضني على القول بأنّ: عنيزة بقيت كما تركها «الريحاني» وما ثَمّ شيءٌ من جديدٍ طاوله «التحديث»!! غير بنايات الإسمنت «المتواضعة» وشريان من «إسفلتٍ» يشكو عللاً طالما كانت محل أذيّةٍ لأهلها بدعاوى «صيانةٍ» طويلة الأجل من النوع الذي قد قُدّر لها أن لا تنتهي.!
لا جرمَ أنّ «الريحاني» لم يشأ من هذا التشبيه «الخديعةَ»! كلا.. أو أن تكون غايته دغدغة «المشاعر» تزلّفاً.. كلا وألف كلا ذلك أنّه أنبل بكثيرٍ من أن يكون كذلك ما يجعلني أجزمُ بأنّ التشبيه لـ «عنيزة» بـ «باريس» مِن قِبل «الريحاني» لم يُفهم على النحو الذي أراده في حين أنّ «أهل عنيزة» قد جعلوا من هذا التشبيه «جملة موسيقيّة» يتغنّون بها فتشنّف آذانهم ليطربوا – كعادتهم فنياً – وعلى إثر هذا الزفن – رقصاً «سامريّاً» لم يكن بُدٌّ من أن «يناموا» فالجملة «الباريسيّة» كان مفعولها قوياً في تخديرهم/ وهدهدتهم ولمّا أن أفاقوا بعد عقودٍ اكتشفوا أنّ «بريدة» جارتهم قد تحوّلت إلى «نيويورك» فيما «أحفاد عنيزة» يردّدون مع المطرب محمد عبده: عنيزة أغلى من الغلا وك الغلا بأهله سكن يا حظ منهوبه سكن وحضنته بحب وغلا نوله عليها من الولاء ونبكي عليها من الشجن ليت الليالي لو يجن ابكيف من عـنده ولاء يصبح على رمل الخلا بين الغضا وتحت المزن يمسـي بلا غم وحزن والبال من همه خلا لضيوفه تغنى هلا بأعذب شعر وأطرب لحن فيها الكرم ببلا ثمن وشعار أهلها ياهلا زادت غلا وحسن وحلا ولعيالها دايم تحنو رجالها لو تمتحن تلقاهم بمر وحلا محدن من عياله سلا مهما ابتعد لأجله يئن أم وفيه ماتظن أن الضنى عـنها سلا من صغرهـا تروم العلا وتسابق آفاق الزمن و أجيالها عـبـر الزمن ماترتضى إلا العلا كل السعودية غلا أغلى أهـل وأغلى وطن وعنيزة بعقد الوطن درة تلامع بالغلا.
نقلا عن "الشرق"

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up