رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

لا تكشّر... تبسمك صدقة

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

لا شك أن الدكتور محمد العيسى، كان من أفضل وزراء العدل الذين تبوأوا هذا المنصب في السعودية، وقد بذل جهوداً ملموسة لنفض الغبار المتراكم عبر الأعوام عن هذا الصرح الشامخ الذي هو بمثابة المضغة أو القلب في جسد الإنسان إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت - لا سمح الله - فسد الجسد كله. والذي دعاني اليوم للخوض في هذا الموضوع، هو اتصال من صديق كان في المحكمة وأخذ يحدثني منها، وكيف أن فوضى المراجعين ضاربة أطنابها، وكيف أن القاضي بالأمس خرج قبل نهاية الدوام، واليوم حضر بعد بداية الدوام بساعة، وأخذ يعدد السلبيات، واستشففت من كلامه أن الغضب جعله يفقد بصيرته، وقد يكون في كلامه بعض التجنّي أو المبالغة. المهم أن ذلك الصديق أخذ يرجوني أن أكتب عن الوضع العام المزري في المحاكم – حسب تعبيره هو – وأخذت أحكي له قائلاً: في سنة من السنوات يا عزيزي، كنت شريكاً مع بضعة أشخاص في عمل تجاري، ويبدو لي أن الماء كان يجري من تحتي وأنا لا أدري، لأنني كتبت في تلك الأيام مقالاً انتقادياً قاسياً ضد مصلحة الزكاة والدخل، وكيف أنها تتساهل في الإحصاءات الدقيقة، وتغض الطرف عن التحصيل العادل. وما أن ظهر المقال حتى تطربقت الدنيا في مكتبنا، وأخذ شركائي يلومونني على مقالتي، وما هي إلاّ ثلاثة أيام حتى أتى عدة أشخاص من مصلحة الزكاة، وراجعوا عدة ميزانيات ووجدوا تلاعباً فيها، وكانت غرامات لا أول لها ولا آخر، وكل ذلك حصل عقاباً لي على مقالتي الغبية. وبعد أن انتهيت قلت لصديقي: إنني الآن على أتم الاستعداد لأن أكتب عن قضيتك على شرط أن أذكر اسمك واسم القاضي الذي تنتقده، فصرخ في وجهي قائلاً: لا دخيلك لا أريدك أن تكتب، وانسَ نهائياً أنني كلمتك، وختمها قائلاً: قل آمين، فرددت عليه: آمين، قال: الله لا يعطيك عافية، وقفل التليفون بوجهي. ولا بد أن أستدرك وأؤكد أن الدكتور وليد الصمعاني، هو أيضاً من أفضل الوزراء الأكفاء المخلصين، لا أقول هذه الشهادة عن خوف، لأن (صفحتي في الحب بيضا) – أقصد في القضايا. ومن المؤكد أن الوزير الصمعاني لديه برنامج إصلاحي شامل، بزيادة القضاة، وزيادة تخصصاتهم، وإنشاء معهد لتدريبهم، وأهم من ذلك كله أتمنّى كتابة الحديث الشريف القائل: «تبسمك في وجه أخيك صدقة»، مع صورة ملونة لشيخ مبتسم ابتسامة عريضة. وتعليق هذا الحديث الشريف في جميع المحاكم، يشاهده القضاة في دخولهم وخروجهم – (فلعلّ وعسى).
نقلا عن "الشرق الأوسط"

arrow up