رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عقل العقل
عقل العقل

مآسي أقسام الطوارئ في مستشفياتنا

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

تظل الخدمات الصحية في كل دول العالم حقاً لأي مواطن، ولكن القضية تظل في كيفية وسهولة الحصول عليها، واحترام «آدمية» المريض في أي مرفق صحي، وألا يتم «تطفيش» المرضي، وخصوصاً في أقسام الطوارئ، وهي الجهة الأولى التي يقصدها المرضى، ولكن يبدو أن هذه الأقسام في بعض مستشفياتنا ليست للعلاج وتخفيف الألم على المراجعين، بل لزيادة «الهمّ» عليهم لأسباب عدة، سأتطرق لها من تجربة شخصية عايشتها الأسبوع الماضي في قسم الطوارئ في أحد المستشفيات الحكومية بالعاصمة الرياض، وأتمنى ألا يمر أحدكم بها، إذ إنها انتظار وعذاب ومرارة ومناظر حزينة لمرضى كبار وصغار في صالة انتظار قسم طوارئ ذلك المستشفى، وفي دولة لا يمكن التشكيك في حرصها على تقديم الخدمات الصحية المجانية لمواطنيها، والدليل على ذلك صرف الدولة بلايين الريالات على تلك المستشفيات، إلا أن هناك خللاً كبيراً وعدم مسؤولية ممن يقومون بإدارة مستشفياتنا الحكومية.
ذهبت إلى طوارئ المستشفى مرافقاً والدتي ذات الـ80 عاماً، وهي امرأة كفيفة، وتعاني مشكلات مزمنة في الرئتين، وتكون عرضة للمرض بشكل سريع ومهدد لحياتها، وصلنا إلى قسم «الطوارئ»، الذي يبهرك جمال مبانيه من الخارج الساعة العاشرة صباحاً، وبدأت المأساة في الحصول على كرسي متحرك، إذ إنك تحتاج أن تسأل العشرات من رجال الأمن الخاصين بالمستشفى والعاملين في قسم الاستقبال للعثور على ذلك الكرسي العجيب، الذي سيرافقنا في رحلة استمرت إلى 12 منتصف الليل.
عند قسم الاستقبال في قسم الطوارئ تمت إجراءات التسجيل بشكل سريع وسلس، وتوقعنا أن الإجراءات التالية خلف الأبواب ستكون بتلك السرعة، ولكن كم كنا مخطئين، للأسف صالة الانتظار التي جلسنا فيها إلى الخامسة عصراً حتى يأخذوا حرارة وضغط والدتي، ليست صالة انتظار في مستشفى، بل هي أقرب إلى مسرح «فنتازي» خيالي يعج بالصور الإنسانية الحزينة، فأقربهم لنا كان رجل ممدد على عدد من الكراسي ومعه ولده، وذكر لي جاري أن والده تعرض إلى جلطة، وأن لهم يومين في غرفة «الألم» وليست الأمل في ذلك القسم، لن أتحدث عن حالات مرّت عليّ في رحلة الألم، ووصلت إلى حالة من عدم التصديق أن هذا الوضع يحدث في أحد مستشفياتنا في عاصمتنا، وتساءلت كيف هو الوضع في القرى والأرياف!
ما لاحظته في ممرات قسم الطوارئ وصالة انتظاره لوحة تحذيرية تقول: «ممنوع التصوير»، وكأن القائمين عليه لديهم الخوف من تصوير ما يجري هناك ونشره في وسائل التواصل الاجتماعي بدل أن يعدّلوا الأوضاع في مستشفياتهم، وتمنيت أن قسم الاستقبال يعطي لكل مريض الوقت المتوقع لانتظاره، ولا أعتقد أن هذا الطلب بمعجزة. وللأمانة أؤكد أنه بعد الدخول إلى الطبيب، بعد ساعات العذاب من الانتظار، كانت الخدمة المقدمة ممتازة ومهنية جداً، ولكن على الجهات الرسمية أن تعالج حالة الانتظار الطويل في طوارئ المستشفيات في المملكة بشكل جذري.
ولوالدتي الغالية قبلات على رأسها لتحملها الانتظار الطويل، الذي أعطى نتائجه سريعاً وتحسن صحتها ولله الحمد والمنة، ولكل من عايش ويعايش هذه التجربة المريرة.
نقلا عن "الحياة"

arrow up