رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

متى سوف أدري؟!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

ذهبت في زيارة أسريّة لصديق (أمون) عليه، وبينما كنا جالسين نتبادل الأحاديث ونحتسي أكواب الشاي، دخلت علينا طفلتهم وقالت لأمها: ماما، هل تسمحين لي بمساعدة الشغالة بتنظيف البيت؟! فقالت لها أمها: لا يا حبيبتي مش اليوم، فلديها الآن أعمال كثيرة. ولاحظت تحرّج الأب من جواب زوجته، فتدخلت في الموضوع قائلاً للزوجة: الله يذكرك بالخير، لأنك ذكرتيني بابنتي الصغيرة، عندما سمعتها يوماً وهي تناقش العاملة المنزلية الفلبينية في بيتي، وتحاول إقناعها بمنطقها البسيط بالدخول في الإسلام، ومن حججها التي أوردتها قالت لها: إنني أحبك وأخاف عليك من دخول النار، وشاهدت الشغالة وهي توقف المكنسة الكهربائية التي في يدها ثم تحتضن الطفلة وتقبل رأسها وأجابتها بمنطق لم أفهمه حتى الآن، وذلك عندما قالت لها بما معناه: حاضر يا حلوة ولكن ليس الآن، فسألتها ابنتي الحشرية قائلة لها بكل براءة: متى يعني؟!، فأجابتها: بعد أن أتقاعد، لأن الآن لديّ شغل كثير، ولو أنني أسلمت لا بد أن أصلي كل يوم خمس مرّات!! فكرت أن أتدخل، ولكنني في آخر لحظة تراجعت وخفت من أن أجرح مشاعر الاثنين، ولا أعلم هل سكوتي وتراجعي ذاك كان ينم عن حكمة، أم أنه كان غير ذلك؟! *** لم يمر عليً إنسان أكثر غباء من أحد (الغراسين)، عندما كنت جالساً يوماً في أحد المقاهي مستمتعاً بأمان الله بتناول كأس كوكتيل من العصائر الطازجة، وأشرت للنادل الذي هو الغرسون ليحضر لي مزيداً من الثلج، وتفاجأت به يخرج الثلج الذي في الكأس ويضع بدلاً منه ثلجاً آخر، فخطر على بالي لأول وهلة أن أرمي بالعصير كله في وجهه، لأنه فعلاً أفسد مزاجي، ولكنني كعادتي تراجعت وخزيت الشيطان تلافياً مما لا تحمد عقباه، ولا أدري كذلك هل النادل هو الغبي أم أنني أنا الأحمق؟!، هل لاحظتم أنني دائماً أردد: لا أدري، لا أدري، لا أدري، فمتى بالله عليكم سوف أدري؟! *** قرأت وذهلت من هذه الحقيقة العلمية المؤكدة التي تقول إن جسمك يحتوي على نحو 95 ألف كيلومتر من الأوعية الدموية حيث تنتج وتتلف 15 مليون خلية دموية في الثانية الواحدة. وتطرف عيناك نحو 35 ألف مرة في اليوم، وتستخدم 43 عضلة لتعبس، و17 فقط لتبتسم، ويستمر أنفك في النمو طوال حياتك. انتهى. وما إن قرأت هذه المعلومة حتى بدأت أتحسس لا شعورياً أنفي العزيز، فهو العضو الوحيد في جسمي الذي أفتخر به وأحافظ عليه، لهذا ذهبت ركضاً وأخذت أتطلع إليه بالمرآة، وكانت صدمتي كبيرة، لأنني تيقنت فعلاً أنه قد ازداد طولاً وعرضاً.
نقلا عن "الشرق الأوسط"

arrow up