أين تذهب هذا المساء؟!

كان هذا السؤال في زمننا قبل ثلاثة عقود تقريباً يثير الشجون فينا، ونحن نتابع الصحف الخليجية والعربية ونقرأ الخيارات المتعددة لكل مساء، من أفلام سينمائية ومسارح وحفلات غنائية وفعاليات ثقافية متنوعة، كان الوضع عندنا لوقت قريب جامداً بكل ما تعنيه الكلمة، وخصوصاً قبل طفرة القنوات الفضائية مطلع التسعينات الميلادية. ومع التطورات الإيجابية الأخيرة التي مرت بها بلادنا خصوصاً مع إنشاء هيئات معنية بالثقافة والترفيه، كان الأمل ألا يكون مثل السؤال الذي بدأت به المقالة غريباً أو من باب الطرافة، فالدولة سخرت الإمكانات التي تساهم بتحقيق أهدافها المتمثلة برفاهية الإنسان وتوفير كافة السبل الكفيلة بإسعاده، وما أثارني وجعلني أتناول هذا الموضوع هو شعار "معاً نحو أنسنة الرياض" الذي تتبناه أمانة منطقة الرياض وهو شعار مهم في معانيه وتطبيقاته، وكان العراب الخاص به سمو الأمير عبدالعزيز بن عياف أمين منطقة الرياض الأسبق الذي استطاع خصوصاً في أوقات المناسبات والأعياد من تحويل مدينة الرياض من مدينة طاردة إلى مدينة جاذبة، خصوصاً من ناحية الفعاليات المسرحية والمتنوعة التي كانت تعرض وبحضور كثيف في تلك الفترة.
حالياً نجد أن سؤال، أين تذهب هذا المساء؟، في مدينة كبيرة كالرياض يعتبر سؤالاً محرجاً، فالفعاليات ضئيلة ولا تلبي تطلعات ورغبات سكان هذه المدينة، ونجد أنها فعاليات نخبوية بتكاليفها المادية العالية، رغم ما تجده هذه الفعاليات من دعم لا محدود من الدولة إلا أن الوضع استمر للأسف بصورة تجارية خالصة، وهذه حقيقة كنا نتوقع أنها وقتية مع البدايات، ولكن استمر الحال على ما هو عليه، فتجد أن حتى أسعار الأمسيات الشعرية والحفلات الغنائية مازالت مرتفعة. وهنا نتمنى أن تتغير الاستراتيجية المعمول بها حالياً وفتح المجال للشركات الكبرى والبنوك لدعم الفعاليات الفنية خصوصاً بصورة مباشرة بالاستفادة من مسارح تلك الجهات وأيضاً من الإمكانات المادية لها، مما يولد ثقافة اجتماعية مختلفة من حيث ارتباط جهات القطاع الخاص مع المواطنين والمقيمين، بعيداً عن الطريقة التقليدية باعتبار أن القطاع الخاص دوره يقتصر على مفهوم الرعاية أو بمعنى أدق دفع الأموال مقابل الإعلان في هذه الفعاليات.
الرياض مدينة كبيرة لا تجد في ظل التطورات التي نعيشها أي مناحي لفعاليات ثقافية وفنية ترفيهية تتناسب مع رؤية المملكة والتوجهات بهذا الخصوص.
نقلا عن الرياض