رئيس التحرير : مشعل العريفي
 محمد الساعد
محمد الساعد

الشنقيطي.. سيد قطب المنتظر !

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

كانت وما زالت شخصية سيد قطب هي الأكثر تأثيراً في مسيرة الإخوان المسلمين منذ تأسيسها على يد الساعاتي حسن البنا وحتى اليوم، وصاحب تراث ترك معالمه في طريق الجماعة، ولأن تأثيره كان «غائراً» جدّاً فقد تحولت الجماعة إلى أسيرة لتراثه ولم تستطع أبداً الانعتاق منه.
الإخوان خلال مسيرتهم الحزبية الطويلة لم يجدوا مفكراً قادراً على التعبير عنهم وعن أفكارهم وأحلامهم كسيد قطب، حاول الكثير منهم بعد ذلك تقليد قطب للتعويض عن فقدهم لمرجعية فكرية يستندون إليها لكنهم فشلوا، بالتأكيد نجحوا في تطبيق تعاليمه - الدموية - وعلى الأخص دعوته لتقسيم المجتمعات وتكفيرها و«الهجرة إلى الداخل».
التراث الإخواني في أغلبه لا يتعدى رسائل وأفكاراً سياسية وبنية حزبية سرية، أما الفقه إذا قدر لنا أن نسميه الفقه «الإخواني» فلا يعدو أن يكون تعاليم منعزلة خاصة بالجماعة، يمكن أن يطلق عليها تعاليم مصلحية تبريرية تعطي للكوادر والقيادات مساحة للتحرك وارتكاب المعاصي والإيغال في أعراض ودماء الخصوم دون الإحساس بالذنب.
ولأن تراث سيد قطب أنتج موجة دموية عنيفة من منتصف السبعينات وحتى اليوم، شرعت الصدام مع المجتمعات واعتبرتها مجتمعات «ساكتة عن الحق» توالي الحكم وبالتالي بررت قتالها وإفشاء الدم فيها ودفعت الأتباع لقتال الحكومات وأعطتهم صبغة المجاهدين.
يقوم المنهج القطبي على نظريتين أساسيتين، الأولى «الولاء والبراء» والأخرى «التكفير والهجرة إلى الداخل»، ما سمح لهم بالانكفاء على أنفسهم وتشكيل أمتهم الخاصة وتكفير من هم خارج دائرة الإخوان، وهي النظريات التي ولدت فيما بعد تنظيمات التكفير والهجرة، والجهاد والقاعدة، وداعش، وكل الجماعات الأخرى المتطرفة التي تناسلت جميعها من رحم أفكار سيد قطب.
اليوم وبعد خمسة عقود يحاول الناشط الإخواني في قطر «محمد الشنقيطي» أن يكون سيد قطب هذا الزمان، معتقداً أنه الأكثر شبهاً بقطب والأحق أن يكون خليفته المنتظر.
الشنقيطي في مسيرة التشبه المضنية التي خاضها ليقترب من سيد قطب، تعمد الإعلان عن نفسه كملحد ثم اعتنق المذهب العلوي النصيري، ثم مثقف مستقل وأخيراً كمفكر إخواني، وهي قريبة إلى حد ما من تحولات سيد قطب الفكرية، إلا أنها كانت لقطب انتقالاً – مزاجياً - بين الإلحاد والإيمان حتى انتهى كمنظر فكري للجماعة المتطرفة داخل الإخوان، بينما الشنقيطي لا تعدو أن تكون تحولات مصلحية.
لعل أبرز ما دفع الأديب سيد قطب للتحول إلى المتطرف سيد قطب، هو سعيه للبروز بين عمالقة الأدب المصري الذي لم يكن له حظ بينهم، وبالأخص مع وجود طبقة من الأدباء والمفكرين الكبار في مصر في تلك الفترة، لهم تراثهم المتفوق الذي لا يمكن تجاوزه ولا حتى الوقوف بجانبه، على سبيل المثال محمود عباس العقاد، طه حسين، المنفلوطي، الرافعي.. إلخ.
لعل الأكثر إيلاما لسيد قطب كان إهمال الصحافة المصرية له والتي لم تلتفت إليه بجدية ولم تعده حتى من الطبقة الثالثة من الأدباء في بلادها، كل ذلك الإحساس الطاغي بالحرمان والغيرة الفاسدة أخرجت سيد قطب المتطرف.
كانت الجماعة - المغضوب عليها - في تلك الفترة الحرجة من تاريخها متعطشة لشخصية مفصلية كسيد قطب تستطيع انتشالها من التجريف الذي لحق بها خلال حكم الرئيس عبدالناصر إثر محاولتهم اغتياله في حادثة المنشية الشهيرة، وفي المقابل كان سيد قطب في حاجة ماسة إلى من يشبع غروره من التصفيق والتهليل والإعجاب.
ما دفع قطب للتشبث بالإخوان والانحياز لهم، هو نفسه ما يدفع الدكتور محمد الشنقيطي لترك بلاده ملتحقاً بقطر والإخوان محاولاً أن يجد لنفسه مكاناً في تنظيم طبقي صلب يصعب اختراقه أو التجول بين مساحاته المحتكرة.
الشنقيطي يمتلكه إحساس عميق بالدونية ويعذبه انخفاض طبقته الحزبية، ومكانته الاجتماعية تؤرقه منذ الولادة، فهو في نهاية المطاف ليس من إخوان مصر ولا سوريا ولا الخليج، وبالتالي لن يسمح له إخوان مصر بالذات أن يخلف «نبيهم» غير المتوج سيد قطب.
نقلا عن عكاظ

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up