رئيس التحرير : مشعل العريفي
 محمد الساعد
محمد الساعد

القدس.. من اغتيال السادات إلى ابن زايد !

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

ما هو الفرق بين الخطوات التي قام بها الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات عام 1978، وأردوغان عام 2002، ومحمد بن زايد عام 2020، فجميعهم اتخذوا خطوات سياسية باتجاه دولة إسرائيل، لكن ردود الفعل تجاههم اختلفت باختلاف الأشخاص والأيديولوجيات التي ينطلقون منها.
دعونا نبدأ بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان القادم من عباءة جماعة الإخوان المسلمين، فقد كانت العلاقات الإسرائيلية التركية قائمة منذ عام 1949 ولا ننسى أن أنقرة هي أول دولة إسلامية تعترف بإسرائيل، ولذلك جاء أردوغان والعلاقات قائمة ولم يكن في حاجة للذهاب إلى تل ابيب أبدا كما يدعي مريدوه بأنه جاء ليفكك العلاقة بينما قفز بها لمستويات غير مسبوقة، على سبيل المثال محمد حسني مبارك الرئيس المصري السابق، لم يزر إسرائيل بل اكتفى بالخطوات التي اتخذها سلفه السادات وواضعاً العلاقات معها في حدها الأدنى، كانت الرؤية السياسية المصرية تقول حينها: إنها غير ملزمة بتحقيق علاقات وثيقة مع تل أبيب.
أما أردوغان الذي لم يكن مضطراً أبداً للدفع بالعلاقات لمستوى التحالف الإستراتيجي اندفع نحو تنسيق أمني وعسكري لم يفعله أتاتورك مؤسس تركيا العلمانية. لكن «رجب» فعلها من أجل مستقبله السياسي وحمايته في المنطقة المضطربة وربما مصالح تركيا العليا وإيماناً منه بأهمية العلاقة مع إسرائيل، فهم أردوغان أن تل أبيب هي بوابة الدخول للقلب الغربي وحصد نتيجة تلك العلاقة جوائز كبيرة جداً، لعل من أهمها قيام الموساد الإسرائيلي بالقبض على المعارض الكردي الزعيم عبدالله أوجلان، والذي لم يكن لتركيا توقيفه لولا الدعم الاستخباري الإسرائيلي.
دعونا نرى تفاصيل ما فعلته «تركيا أردوغان» لنفهم الحجم الذي وصلت له العلاقات، ففي عام 2005 وصل أردوغان إلى إسرائيل في زيارة رسمية وكان وقتها رئيساً للوزراء في بلاده، واستقبل بحفاوة إسرائيلية بالغة، وبعد وصوله توجه من فوره لزيارة قبر ثيودور هرتزل مؤسس دولة إسرائيل وواضعاً إكليلاً من الزهور، التقى إثرها وفي حفل عشاء فاخر برئيس دولة إسرائيل بحضور نواب الكنيست بمن فيهم النواب الفلسطينيون من حاملي الجنسية الإسرائيلية، ووقع اتفاقيات تحالف عسكري واقتصادي مما رفع من حجم التبادل التجاري بينهم لعشرة أضعاف، استمع لخطاب رئيس الوزراء أرييل شارون في مقر رئاسة مجلس الوزراء الإسرائيلي في القدس ووجه شارون كلامه لأردوغان قائلاً: مرحباً بك في القدس عاصمة دولة إسرائيل، ليقوم أردوغان ووفده بالتصفيق للكلمة بعد الانتهاء منها ودون أي اعتراض عليها، وحينها كان أرييل شارون يفرم المدن الفلسطينية في الضفة وغزة تحت مجنزرات دباباته.
اليوم وبعد أقل من شهر تقريباً على الخطوة الإماراتية التي قام بها الشيخ محمد بن زايد لا تزال إسرائيل ملتزمة بالتوقف عن ضم مزيد من الأراضي في الضفة الغربية في انتظار قيام السلطة الفلسطينية بتقييم موقفها والاستفادة من الخطوة الإماراتية واستكمال المفاوضات.
لقد استطاعت أبوظبي كما القاهرة من قبل الحصول على مواقف سياسية يمكن البناء عليها فلسطينياً، بينما حصلت تركيا على مكاسب «تركية» خاصة بها بسبب تهور أردوغان واندفاعه بالعلاقات مع إسرائيل إلى مستويات غير مسبوقة دون تحقيق مكاسب للفلسطينيين غير إرسال مركب يتيم في استعراض شعبوي إلى غزة عام 2007، حاملاً أكياساً من البطاطا وعلب بازلاء لا تكفي أربع عائلات غزاوية.
القطريون فتحوا أبواب دولتهم أمام الإسرائيليين بل واستقبلوا رئيس الوزراء شيمون بيريز في عاصمتهم، ورتبوا له لقاءات مع طالبات قطريات، فضلاً عن الحفاوة البالغة، لكن صناع السياسة في الغرب يعلمون أن قطر ليس بيدها صناعة مشهد سياسي في المنطقة يمكن الوثوق به ودورها يقتصر على «الدفع» كمكنة مال، إضافة إلى تأجيج الشارع عبر منصاتها الإعلامية الشعبوية.
أما كيف تعامل الإعلام والشارع العربي المختطف مع تلك الخطوات، فقد اغتيل السادات -رحمه الله- بعدما اتهمه الفلسطينيون واليسار العربي والقوى الراديكالية بالخيانة، وحوصر محمد حسني مبارك متهماً بالعمالة لإسرائيل -وهو منها براء-، واليوم يتم اغتيال الإمارات ومحمد بن زايد معنوياً على يد الإعلام المنافق الذي يشيح بنظره عن أردوغان وركوعه عند قبر هرتزل، ولا يرى غير السعودية والإمارات.
نقلا عن عكاظ

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up