رئيس التحرير : مشعل العريفي
 محمد الساعد
محمد الساعد

كيف تدير السعودية معاركها؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

خلال مائة عام مضت من تأسيس البلاد السعودية وتوحد أراضيها تحت راية وحُكم واحد مكملة دولتها الثالثة، استطاعت الرياض المرور من أزمات وصراعات وحروب طاحنة بمرونة وحنكة وطول صبر، ربما كانت واحدة من تلك الحروب كفيلة بإزالة إمبراطوريات كاملة، لا يزال السعوديون يتذكرون مؤامرات انقلابات الخمسينات والستينات الميلادية التي داهمت العالم العربي وهزت أركانه وغيرت من الشكل السياسي والاجتماعي لدوله، وما تلاها من حروب معلنة وغير معلنة استهدفت وحدة السعودية وحدودها واقتصادها ودورها العربي والإسلامي، حتى وصلنا إلى ما يسمى بأزمة إسطنبول الحالية وما شهده العالم من انقضاض لقوى وتحالفات هدفها القضاء على المملكة.
هناك سؤال يطرحه كثير من «المخاصمين» للرياض، وبعض المندهشين من تفوق أدائها السياسي خلال الأزمات، وما هي مميزات مؤسسة الحكم السعودية التي لا يجاريها فيها أحد واستطاعت أن تحميها من عواصف عاتية وصلت إلى حد التحالف «الوقح» بين قوى متناقضة واستخدام كل الحيل والأساليب للإطاحة بها.
لا شك أنه الدهاء والحلم والعفو وطول الصبر الذي عرف به ملوك وأمراء آل سعود وطبقوه في سياساتهم وتعاملهم، دهاء ينعكس في تحرك الدولة السياسي وصبرها وقت ما يقتضي الصبر، وصمودها أمام أعدائها مهما كانت قوتهم، والإطاحة بهم حينما تحين ساعتهم التي دائماً ما تأتي بتوقيت الدرعية.
مؤسسة الحكم السعودية راهنت أولاً على مواطنيها، فهم درعها الحصين وجبالها الملتفة حولها التي لا تلين، أو كما وصفهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حين قال في منتدى الاستثمار المنعقد مؤخراً بأن إرادتهم تشبه في صلابتها جبال «طويق» في صحراء نجد، فالداخل لطالما كان مؤمناً بوطنه والأسرة الملكية – ثبت ذلك في الأزمات الكبرى التي تعرضت لها بلاده بدءاً من جهيمان، مروراً بحرب الخليج، وأزمة 11 سبتمبر، ثم الربيع العربي، وأخيراً أزمة إسطنبول – رسخ تلك العلاقة مشاريع الوحدة الوطنية والتنمية المستدامة وإقامة دولة الحق والقانون.
الخارج بقي دائماً أكثر خطورة وجسارة على السعودية، إلا أن أكثر الخيانات مرارة هي تلك التي أتت من دول حسبت كشقيقة أو منظمات اعتبرت حليفة ذات يوم، كانوا أول من طعن وآخر من طيب جروح الرياض.
ضمن معادلات الربح والخسارة يعتقد كثير من الخصوم أن احتضان السعودية للحرمين الشريفين وما تملكه من ثروات هائلة إضافة لموقعها الإستراتيجي والاقتصادي في منتصف العالم وملتقى طرقه هو المعيق الأكبر أمام محاولات تفردهم واختطافهم للمشهد السياسي العربي والإسلامي.
السعوديون في مواجهة ذلك ابتكروا نظريتين متوازيتين للتعامل مع خصومهم، أثبتت نجاحها وحققت لهم التفوق على المدى الطويل!
الأولى تقول.. إن الرياض عودت نفسها على ممارسة ضبط النفس إلى أقصى حد، لدرجة أن العدو الكاره والحليف المشفق يصلان لمرحلة اليأس من أي تحرك يمكن أن تقوم به الرياض، هذه السياسة يمكن أن تسمى «الحركة الصفرية»، التي تقتل أعداءها ولا تعطيهم أي إشارة لردود الفعل المحتملة، وهي تسلبهم أي تصور عن خطواتها المقبلة، وهذا ما يحصل اليوم مع تركيا وقطر في أزمة إسطنبول على سبيل المثال.
النظرية الثانية.. تقتضي الانقضاض بشكل غير مسبوق ومفاجئ ضد الأعداء، في حال اقتضت مصلحة الرياض الإستراتيجية ذلك، من دون أن تسمح لهم بالخروج من مأزقهم وعقابهم، وهو ما حدث بالفعل مع صدام حسين عند احتلاله للكويت وتهديده للفضاء السعودي، ومروراً بإرهاب ابن لادن وحزب الله وقطر والإخوان المسلمين، وانتهاءً بمليشيات الحوثي حالياً..
نقلا عن عكاظ

arrow up