رئيس التحرير : مشعل العريفي
 محمد الساعد
محمد الساعد

موعودون بأشهر أمريكية قاسية

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

يبدو أن معركة الانتخابات الأمريكية دخلت مرحلة الخطر الحقيقي والصدام العنيف، إثر تدخل منصة تويتر بشكل فاضح في تغريدات الرئيس ترمب على حسابه الشخصي أو عبر حساب البيت الأبيض، وهي تؤكد أن الديموقراطيين من فلول الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لن يتوانوا عن استخدام كل شيء في معركة لم تعرفها أمريكا منذ الحرب الأهلية.
التدخل ينم عن ضيق ومرارة حقيقية يشعر بها اليسار الأمريكي من قدرة ترمب على الاستغناء عن الوسائل الإعلامية التقليدية التي يسيطرون عليها وناصبته العداء ووقفت على الطرف الآخر منه مؤيدة الديموقراطيين ومتبنية أخبارهم ومواقفهم.
ترمب منذ بداية حملته الانتخابية وقبيل وصوله البيت الأبيض اعتمد على «تويتر» وبنى منصة شخصية عبر حسابه مستقطبا أكثر من 80 مليون متابع، معبرا من خلاله عن مواقفه السياسية وآرائه، ومطلقا هجومه ووعوده، وحتى عند مطالبته التخلي عن حسابه الشخصي والاكتفاء بحساب البيت رفض ذلك وكان محقا.
بالطبع ليست المرة الأولى التي تنحاز فيها منصة تويتر لموقف سياسي، فقد سهلت في العام 2011 للمحتجين المصريين ومثيري الشغب التغريد من خلال غطاء إنترنت غير ما توفره الحكومة المصرية، كما أنها تعاملت مع المغرد السعودي بخشونة بالغة، وبلطف مع خصومه الداعشيين والقطريين وتنظيم الإخوان.
من المهم فهم مرارة اليسار الأمريكي الشديدة كونه فقد «حلمه» الذي تفجر خلال إدارة الرئيس باراك أوباما، فاليسار والليبراليون الجدد يعتقدون أنهم مبعوثون لتغيير العالم وتخليقه حسب رؤيتهم ومفاهيمهم وقيمهم، ومن يقبل تلك القيم أدخل للنادي وصار حليفا تتم حمايته من خلال المنظمات والإعلام الذي يدور في فلكهم، على سبيل المثال «تركيا. قطر. الإخوان»، ومن رفضها أو تبنى مشاريع معادية لها حورب وحرض ضده واغتيل معنويا وربما عسكريا.
يتبنى اليسار عددا من المفاهيم التي تحدد علاقته بالآخر يمكن تلخيصها حسب كثير من الدارسين في ما يلي:
الرَّغْبة في التغيُّر السريع إلى أقصى حدٍّ ممكن وهو ما حصل في «مصر وتونس وليبيا»، والاعتقاد في حتْمية العنف كمنهج للتغيير سوريا وليبيا مثالا، التأكيد على مفهوم الحريات المطلقة بلا قيود، الإيمان بالمهمشين وربطهم بالأجندة اليسارية، وهذه تحديدا كانت مداميك التغيير والصدام مع الحكومات المحلية في الشرق الأوسط، خلال موجة ما يسمى بالربيع العربي الذي بدأ نهاية 2010.
أما لماذا ستكون السعودية في عين العاصفة الانتخابية الأمريكية فهو أمر ليس بالجديد لأسباب عديدة..
أولا: لا يزال النفط السعودي هو رمانة التوازن الاقتصادي في العالم، ومنذ اكتشافه على أيدي شركات أمريكية قبل ثمانية عقود ونفطها يشكل جزءا من حياة الأمريكيين ومعاركهم وخصوماتهم السياسية.
ثانيا: تبنى السعوديون علاقة مستقلة مع واشنطن، لخصها أهل «المصمك» في معادلة صعبة قدمتهم «كحلفاء لا أتباع»، عبرت عنها مواقف عديدة لا حصر لها، من أهمها: قطع إمدادات النفط على يد الملك فيصل، طرد السفير الأمريكي من الرياض على يد الملك فهد، رفض استقبال أوباما بعد التدخل السعودي ضمن درع الجزيرة لحماية البحرين على يد الملك عبدالله بالرغم من الغضب الأمريكي وعندما استقبل كان الرد جاهزا من المطار وحتى المخيم، وأخيرا موقف الملك سلمان الصلب والشجاع في وسط البيت الأبيض وأمام باراك أوباما، عندما قال الملك إن السعودية ليست في حاجة أحد وهي قادرة على المضي قدما في سياساتها بدون مساعدة.
بالتالي فإن المسرح يتم تحضيره بعناية، وكل من لديه خصومة أو أجندة تعثر تنفيذها بسبب العلاقة الإستراتيجية بين الرياض وواشنطن خلال الأربع السنوات الماضية، سيكون لديه الدافع لتصفيتها مع المملكة، وليس من قبيل الصدف إعادة إخراج وتبني تسريبات وملفات وهاربين وخونة في هذه الشهور الانتخابية، بل هي جزء من سهام مسمومة ستسدد للسعوديين وبلادهم تخترق الرياض لتستقر في صدر الرئيس ترمب أخيرا.
نقلا عن عكاظ

arrow up