رئيس التحرير : مشعل العريفي
 محمد الساعد
محمد الساعد

مَنْ أقنع ترمب أن الرياض عاصمة العالم!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

في العام 1945 قرر الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت إلقاء خطاب وداعي في جلسة مشتركة للكونغرس فور عودته إلى واشنطن بعدما أحس بقرب أجله، كان الرئيس قد أنهى للتو رحلة طويلة للشرق الأوسط، التقى خلالها الزعيم العربي القادم من صحراء نجد الملك عبدالعزيز رحمه الله. روزفلت تحدث في خطابه عن الرحلة البحرية الطويلة التي قام بها، وكيف أثرت على صحته، لكنه فضلها على المراسلات والاتصالات، مشيرا في الخطاب أن "لقاءه المباشر مع الملك عبدالعزيز ساوى عشرات من الخطابات الدبلوماسية". هذه الجملة اختصرت الفهم الحقيقي لدور الاجتماعات المباشرة بين الدول والزعماء، في تطويع السياسة، وتليين المواقف، كما كشفت عن التأثير المتعاظم للمملكة منذ ذلك اللقاء التاريخي بين الملك المؤسس وروزفلت، وحتى اجتماعات الأمس بين الملك سلمان والرئيس دونالد ترمب في الرياض. إنه الحراك السياسي الفعال والمتراكم الذي تقوم به السعودية، دون سرقة لأدوار الآخرين ولا ادعاءات ولا مزايدات ولا انخراط في مؤامرات ودعم منظمات إرهابية. هو ذلك الدور الكبير الذي بذلته الرياض في هزيمة الشيوعية من منتصف الخمسينات وحتى العام 1990 ،وهو نفسه الذي قدمته المملكة لدعم الشعب الأفغاني ضد الاحتلال السوفيتي، والمساهمة الكبرى في انتصار العراق في الحرب الإيرانية طوال عشر سنوات، وإحلال السلام في لبنان عبر اتفاق الطائف، وتحرير الكويت من أغلال صدام، والاعتراف بمنظمة التحرير كممثل وحيد وشرعي للشعب الفلسطيني. إنه الدهاء السياسي في تجاوز أحداث الحادي عشر من سبتمبر وتبعاتها الثقيلة، والانتقال من حماية بلادها وشعبها من الإرهاب إلى حماية العالم، عبر جهاز أمني فعال، استطاع المساهمة في كشف عشرات العمليات التي كانت على وشك الوقوع في عواصم ومدن حول العالم. بالأمس تم تتويج السعودية عاصمة للعالم، ليس لأنها استضافت قمة غير مسبوقة بين الولايات المتحدة الأمريكية، أقوى دولة في العالم، وبين زعماء وقادة 56 دولة عربية ومسلمة، بل لأنهم وجدوا أنه لا يمكن أن يروا مستقبل العلاقة بين العالمين المسيحي والإسلامي إلا بعيون سعودية. لم تكن الرياض خلال مئة عام انصرمت على هامش الأحداث أبدا، فمنذ تأسيس الدولة الثالثة، وحتى اليوم، مارست السعودية ثلاثة أدوار كبرى، لم تتخل عنها أبدا. دور عروبي استطاعت معه دعم حياض العالم العربي ومستقبله واستقلاله من التدخلات الخارجية والدول المتربصة على تخومه، أو انهياره واحترابه الداخلي، لأنه عمقها الجغرافي والتاريخي والإنساني. دور إسلامي فعال، يدعمه احتضان المملكة لأقدس أقداس المسلمين في مكة والمدينة، ومهوى أفئدة مليار ونصف مسلم، الأمر الذي ألقى عليها مسؤولية دعم الاعتدال الإسلامي، ومحاربة التطرف والغلو، وكبح جماح المندفعين، ومناصرة قضايا المسلمين المضطهدين اقتصاديا واجتماعيا. أما دورها الدولي، فيأتي من خبرة سياسية متراكمة قوامها أكثر من ثلاثمئة عام وأسرة حاكمة، استوعبت السياسة وهضمتها وطوعتها لصالح دولتها، إضافة إلى موقع سياسي حيوي هو جسر بين عالمين، واقتصاد متناٍم، ومخزون هائل من موارد الطاقة. السعودية اليوم ليست على هامش المنطقة، ولا تأخذ دور القاهرة أو بيروت أو إسطنبول، الرياض حالة متفردة غير مكررة، هي أقرب لمعجزة حقيقية، فعندما يراهن الغادرون والخائنون على تقلص دورها وانحسارها، إذا بها تقوم صلبة قوية متباهية بما تستطيع إنجازه. لعل القمم الثلاث التي تمت في أقل من 48 ساعة، والخطاب المتسامح الذي ألقاه الرئيس دونالد ترمب، مؤكدا أن الإرهاب ليس له دين ولا عرق، فمن أقنع هذا الرئيس القادم من فكرة مترسخة لدى كثير من الغربيين أن الإسلام هو مصدر التطرف، أليست هي عاصمة «الدنيا» الرياض.
نقلا عن عكاظ

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up