رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عقل العقل
عقل العقل

مركز للسلام في ماليزيا

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

جولة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الآسيوية اكتسبت أهمية اقتصادية، وهذا واضح في الاتفاقات التي تم توقيعها بين المملكة وتلك الدول، ولكن باعتقادي أن هناك أبعاداً سياسيةً وفكريةً لا تقل أهمية عن الجانب الاقتصادي.
كلنا يراقب المشهد الدولي والتغيرات الجذرية التي يمر بها، فالعالم ثنائي القطبية انتهى بسقوط الاتحاد السوفياتي وبروز أميركا قوة أحادية في العالم، ولكن هذا الوضع لم يستمر طويلاً خصوصاً مع عودة روسيا وبقوة إلى الساحة الدولية.
من هذه الحال نجد أن الدول الفاعلة بدأت تبني علاقات متعددة بعيداً عن الآيديولوجيات وأساسها المصالح، والمملكة ومنذ فترة قريبة تشهد سياستها الخارجية تناغماً وفعالية مع القوى الإقليمية والدولية، وزيارة وزير الخارجية السعودي إلى بغداد تأتي في هذا السياق، والعامل المهم برأيي لهذا الحراك السعودي شرقاً وعلى مستوى الإقليم حقيقة هو نتيجة لما مر به العالم العربي من خيبات وكوارث بعد الربيع العربي، إذ سقطت العديد من الدول العربية المحورية في أتون حروب أهلية كما هي الحال في سورية والعراق واليمن، والبعض الآخر لا يزال يحاول النهوض كما هو الوضع في مصر، وكلنا يعرف أن قوى الإسلام السياسي كانت أداة التدمير في عالمنا العربي مع بعض الدعم الغربي لتلك القوى الراديكالية لخلق شرق أوسط جديد، والنتيجة للأسف دمار شامل لبعض الدول العربية، وفي خضم هذه الفوضى بقيت المنظومة الخليجية وبقيادة المملكة مستقرة وتحملت مسؤولية الدفاع عن المصالح العربية، والمملكة خصوصاً لها ثقل ديني وسياسي في العالم، وهذا باعتقادي كان أحد الأسباب الرئيسة للتحرك السعودي على المسرح الدولي، إذ تأتي جولة الملك سلمان الآسيوية في هذا السياق.
أعتقد أن الإعلان والاتفاق بين المملكة وماليزيا على إنشاء «مركز الملك سلمان للسلام» من أهم النتائج التي خرجت بها تلك الزيارة، كلنا يعرف أن الإرهاب هو آفة العصر والمرحلة التي نعيشها الآن وكثير مما نسمع ونقرأ في التقارير والأبحاث الغربية خصوصاً الأميركية مقولة ماذا فعل المسلمون حكومات وشعوباً للتصدي لحال الإرهاب وتفكيك منظومة التطرف في دولهم، على رغم أن أغلب ضحايا الإرهاب من المسلمين ويقتلون على يد فئة قليلة تعتقد أنها تمثل الإسلام الحق؟ والنتيجة وللأسف أن هناك حالاً من الخوف في المجتمعات الغربية من كل ما له علاقة بالإسلام والمسلمين.
المملكة والتي أعلنت قبل عام إنشاء تحالف عسكري إسلامي لمحاربة الإرهاب تستشعر الآن أن محاربة الإرهاب بالقوة العسكرية مهم ويأتي على رأس أولوياتها، إلا أن الحرب الفكرية وتفكيك منظومة التطرف لا يقلان أهمية عن المحاربة الأمنية للإرهاب، وإنشاء مركز الملك سلمان للسلام في ماليزيا يأتي كذراع مؤسساتية فكرية في هذا السياق، نعلم أن هناك مؤسسات تعني بالجانب الفكري لمحاربة الإرهاب في المملكة وغيرها من الدول الإسلامية، إلا أنها تجارب مغرقة في المحلية، ونحن نعرف أن حال التطرف التي يعيشها العالم الإسلامي والعربي عابرة للحدود، ما يستلزم إنشاء مثل «مركز الملك سلمان للسلام».
نقلا عن "الحياة"

arrow up