رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

الإخوة الأعداء

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

هناك خصلتان أو صفتان لم أستطع تفضيل إحداهما على الأخرى، الأولى وراثية وهي (الأخوة)، والأخرى مكتسبة وهي (الصداقة). وبعد كثير من التمعن وجدت أن الأخوة إذا ارتبطت بالصداقة، فلا يعلو عليها أي علاقة. وبعيدا عن أبيات الشعر القائلة على هذا النحو: أناجي أخي في كل حق وباطل وأرغمه حتى يمل ملائلي أو: أخاك أخاك إن مَن لا أخا له كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاح والحمد لله أنني لم أناج يوما أحدا من إخواني بأي باطل، كما أنني لم أسع ولن أسعى في أي يوم من الأيام لا بسلاح ولا بغير سلاح حتى أستنجد بأحد منهم ­ مع علمي أنهم لن يترددوا عن نجدتي لو أنني صرخت بهم وناديتهم ­ فهم من هذه الناحية ليسوا قليلي شر. ومع الأسف أنني أعرف وأسمع وأقرأ عن بعض (الأشقاء) الذين وصل بينهم الشقاق والبغضاء والتناحر إلى درجة تتواضع معها ملحمة (دوستويفسكي) في روايته الخالدة (الإخوة الأعداء) ­ أي إخوة (كارامازوف). وسوف أقتطع لكم حادثتين تنبئكما كيف تتحول الأخوة أحيانا إلى (همجية وجنون) والعياذ بالله. فهناك على سبيل المثال شقيقان في إقليم (البنجاب) في باكستان افتتحا متجرا لعمل الحلويات، وحيث إن الكبير منهما هو الذي بدأ الفكرة وملتزم بالعمل، وأشرك أخاه العابث معه بالمتجر، وعندما ضاق ذرعا بتصرفات أخيه الصبيانية قرر طرده من العمل، وقبل أن يذهب (الأهبل) بسلام ما كان منه إلا أن (يسمم) الحلويات، وكانت النتيجة من ذلك التسمم أن مات أكثر من (30) شخصا منهم خمسة أطفال وأمهم. وعندما قبضوا عليه اعترف بجريمته، وكانت حجته الوحيدة هي عندما قال إنني كنت أريد أن أعطي أخي درسا لن ينساه ­ انتهى. لو أن المصيبة كانت محصورة فقط بينه وبين أخيه لهانت، ولكن ما ذنب العشرات الذين ماتوا من جراء خصومتهما؟! كما أن هناك أخوين من (تايلاند) يسكنان في غرفة واحدة، أحدهما سكير عربيد لا تفارق الكأس يده، والآخر ملتزم ومسالم ويمارس طقوسه (البوذية) في كل ليلة، ويبدو أنه في تلك الليلة المشؤومة ارتفع صوته من شدة حماسته بأداء الصلوات، فقطع على العربيد استمتاعه بالفرجة على فيلم (ماجن)، فما كان من الأخير إلا أن يتجه له ويقطع عليه صلواته، ثم (يتوطى ببطنه) ويكسر رقبته ويتركه يرفس إلى أن لفظ أنفاسه، وعاد هو إلى إكمال مشاهدته للفيلم وكأن شيئا لم يكن. طبعا قبضوا عليه فيما بعد وسجنوه، والغريب أن محاميه استطاع أن يقنع المحكمة أن موكله لم يكن بوعيه في ذلك الوقت، لأنه كان سكران، لهذا حكموا عليه حكماً مخففاً.
نقلا عن الشرق الأوسط

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up