رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

طبيب العيون الأعمى

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

سوريا دخلت العام السابع وهي لا تزال تتقلب على فوهة بركان: تهدمت مدن، وأحرقت مزارع، وقتل مئات الآلاف، وشرّد وهجّر الملايين؛ كل هذا حصل لعيون طبيب العيون السابق بشار، ابن صاحب الانقلاب السابق حافظ الذي جثم على صدر سوريا ما يقارب من 40 عاماً، ثم ورّثها باردة مبرّدة لابنه، على أمل أن يكمل المشوار بأن يجثم كذلك 40 عاماً آخر. مشكلة هؤلاء الانقلابيين العرب أنهم يتحدثون عن (الاشتراكية) وهم أبعد ما يكونون عنها في حياتهم الخاصة، ويتحدثون عن (الديمقراطية) وهم لا يحكمون إلاّ بالحديد والنار، ويهاجمون (التوريث) وسرعان ما يلحسون كلامهم وكأنهم يلحسون العسل. الذي أثار أساي أكثر من حنقي هو ما قرأته عن زواج بشرى ابنة اللواء بسام مرهج حسن، المستشار الأمني لبشار، من خالد ابن رجل الأعمال القريب من النظام، نعيم الجراح. وأقيم حفل الزفاف الأسطوري بمباركة بشار، وعقد القران مفتي سوريا غير المنافق أحمد بدر الدين الحسون، وشهد المنتجع السياحي (أب تاون)، الذي تعود ملكيته لوالد العريس، الحفل الباذخ الذي استمر بين بسط وهز وسط وموائد عامرة إلى طلوع الفجر، وانتهى بهدية من فخامة الرئيس للعروس: طقم معتبر من الماس، ومرسيدس متواضعة للعريس، قيمتها 150 ألف دولار فقط. كل هذا كان يجري والطائرات لا تتوقف عن القذف بقنابلها وبراميلها المتفجرة على كل من هب ودب، مطبقة المثل الشامي المعروف: «أنا ضرّاب سيوف، أنا أعمى ما بشوف». ومع هذا، لا تزال مرتفعات الجولان تغط في سبات عميق. ومن نتائج أفعال ذلك الضرّاب الأعمى: الصورة التي هزت العالم للطفل عمران، بعد أن خرج من تحت الأنقاض إثر غارة جوية دون أن تسقط منه دمعة واحدة وهو ينظر لكل من حوله بذهول. وصورة أخرى للطفل السوري إيلان، بعد أن وجدته القوات البحرية التركية غريقاً على أحد الشواطئ، وانتشرت الصورة بسرعة البرق حول العالم، ولكن دون أي رد فعل جاد تجاه ما يعانيه أطفال سوريا. وفي واقعة أخرى مليئة بالخوف والرهبة، عندما رفعت طفلة سورية بريئة، تبلغ من العمر 4 سنوات، يديها استسلاماً لمصور تركي في مخيم للاجئين، حيث ظنت أن الكاميرا بندقية. المحزن أنه بعد أن فقد أطفال سوريا الأمل، قال أحدهم، وهو البالغ من العمر 3 سنوات، عندما كان جريحاً من جراء القصف؛ قال لمن حوله فور وصوله للمستشفى: «سأخبر الله بكل شيء»، وما هي إلاّ دقائق حتى لفظ أنفاسه.
نقلا عن الشرق الأوسط

arrow up