رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

«كريزي هورس»

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

هناك واقعة لا أدري بماذا أشبهها، هل هي تأنيب ضمير؟! هل هي شهامة؟‍! هل هي نخوة؟! هل هو موقف؟! والحكاية وما فيها أن هناك رجلاً أميركياً يقال له «جويلكو فسكي» اشتهر كـ«نحّات» رغم أنه لم يتلقَّ درساً واحداً في فن النحت. كتب له أحد الهنود الحمر طالباً منه أن يصنع تمثالاً لائقاً لتخليد ذكرى الزعيم الهندي «كريزي هورس»، حتى يعلم الرجال البيض أن للهنود الحمر زعماءهم الأبطال.
وللمعلومية فهذا الزعيم الهندي دافع عن شعبه دفاعاً مستميتاً واستطاع أن يهزم الجنرال الشهير «كاستر» هزيمة شنعاء في عام 1877، وأسر من الجنود البيض أعداداً كبيرة، وأطلقهم بعد وعد الحكومة أن تترك لهم أراضيهم، وعندما تقدم له رجل أبيض حاملاً عَلم الهدنة الأبيض «قُتل غيلة» وحلت بالهنود مذبحة رهيبة، ومن يومها أطلق الهنود على تلك التلال اسم «بلاك هيلز»، أي التلال السوداء. وبما أن ذلك الفنان كان متعاطفاً مع الهنود الحمر، فقد وافق على أن يقوم بذلك، وباع كل ما يملك ورحل إلى التلال السوداء، ليبدأ في الجبل الأصم نحت أكبر تمثال في التاريخ على وجه الأرض.
وإذا كانوا يعتبرون النصب التذكاري المسمى «مونت راشمور» الذي نحت عليه الفنان «بورجلام» وجوه الزعماء الأميركيين: واشنطون، وجفرسون، وروزفلت، ولنكولن، هو الأكبر في العالم، لأنه يرتفع «285» قدماً، فتمثال «كريزي هورس» يبلغ ارتفاعه ما لا يقل عن «600» قدم. وبدأ الفنان «جويلكو فسكي» في نحته سنة 1948، وتوقع أن ينتهي منه بعد 23 سنة، ورفض أن يأخذ أي معونة من الحكومة، غير أن الرسوم التي كان يتقاضاها سنوياً من مئات الآلاف من السياح والمتفرجين عليه، كان يغطي بها التكاليف وما زاد منها كان ينفقه على علاج فقراء الهنود الحمر ومساعدتهم.
وواجهته مصاعب جمّة أخّرت إنهاء التمثال، ولكنه لم ييأس واستمر بالعمل، وجنَّد أبناءه ليتعلموا ويعملوا معه، وتوفِّي عام 82. وما زال هناك سبعة من أبنائه العشرة يواصلون النحت، وقبروا والدهم عند سفح الجبل.
ولو أن أحداً منكم شاهد أي إنسان وهو يتسلق رأس ذلك التمثال العملاق لا يخطر على باله إلاّ منظر نملة صغيرة وهي تتسلق رأس إنسان، فتماثيل «بوذا» التي مضى عليها أكثر من «1500» سنة والتي فجرها مجانين «طالبان» بكل جهل وغشامة، تلك التماثيل تتواضع جداً عند ذلك التمثال أو النصب الذي يُدعى «كريزي هورس»، أي الحصان المجنون.
نقلا عن الشرق الأوسط

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up