رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

(لويس) قدوتي بالشجاعة

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

سبحان الله، وكأن التاريخ يعيد نفسه، فالشاعر الروسي (بوشكين) هو، بالنسبة للروس، بمكانة الشاعر (المتنبي) عند العرب، وكلاهما مات مقتولاً. ونبدأ بالمتنبي لأنه الأقدم، فتقول كتب التاريخ: إن أبا الطيب المتنبي قد مرّ برجل يقال له (ضبّة العتبي) مع جماعة من أهل الكوفة، فأقبل عليهم ضبة يجاهر بشتمهم وسبهم، فطلب القوم من المتنبي أن يرد عليه، فبدلاً من أن يكبر عقله ويحتقره ويتحاشاه، إذا به يقول فيه قصيدة مقذعة يعيّره بأمه قائلاً: ما أنصف القوم ضبّة وأمه الطرطبة فلا بمن مات فخر ولا بمن عاش رغبة وهذه القصيدة أعتبرها مِن أردأ ما قاله الشاعر، لهذا لن أذكر باقي الأبيات احتراماً للقارئ. وبعدها علم بالقصيدة الفارس (فاتك الأسدي) - وهو خال ضبّة - وغضب من تعريض المتبني بأخته، ولحق به مع 30 من رجاله، وقيل إن المتنبي حاول الهرب، غير أن أحد خدامه قال له: لا يتحدث الناس عنك بالفرار وأنت القائل: الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم فرجع وواجه (فاتك)، فقتل المتنبي وابنه (محسد) وعدداً من رفاقه، وخسرت العربية أبيات شعر كان من الممكن أن يبدعها شاعر قلَّ الزمان أن يجود بمثله. وكذلك الشاعر الروسي (بوشكين)، فرغم شجاعته، فإنه كان يتمتع بحماقة، ولا أقول: غباء منقطع النظير، وذلك عندما استفزَّه شاب جاهل غير معروف، ودعاه متحدّياً للمبارزة بسبب تافه. فما كان منه إلا أن يندفع للميدان وقد أعماه التحدي، وما هي إلاّ عدّة دقائق حتى خرَّ صريعاً، وليس في عينه قطرة واحدة، وفقدت روسيا شاعراً عظيماً وهو ما زال في عز شبابه وعطائه، كل ذلك بسبب الحماقة والغباء. ومعروف أن التحدي بالمبارزات شائع قديماً. والذي أعجبني وأعتبره قدوتي بالشجاعة، هو رجل فرنسي اسمه (لويس) حصل بينه وبين آخر اسمه (فرانسو) منافسة بسبب امرأة اسمها (دومونيك)، وتطور الأمر إلى ملاسنة وشتائم وشجار. فما كن من فرانسو إلا أن يدعوه للمبارزة، في مكان وساعة محددة، وهذا ما حصل. فذهب فرانسو ومعه طبيبه ومجموعة من الشهود، ومرَّت أكثر من ساعة وهم ينتظرون وصول الخصم، وبعدها وصل رسول خاص يحمل رسالة من لويس جاء فيها: أعتذر لأنني تأخرت في الحضور حسب الموعد، فأرجو ألاّ تنتظرني، وعليك أن تمضي أنت قدماً بالمبارزة، حتى أحضر بعد سنة من الآن - انتهى. هل صحيح ما أكده أحدهم قائلاً لي وهو ينصحني: انتبه يا مشعل، دعهم يقولوا عنك ألف مرّة: جبان، ولا مرّة واحدة: الله يرحمه.
نقلا عن الشرق الأوسط

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up