رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

نجمة في السماء من الماس

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

هي سيدة قصيرة بدينة ذات شعر أشيب٬ اسمها (الدونا ايلادا) من دولة (كولومبيا)٬ كانت واحدة من أحد عشر طفلاً لصاحب مزرعة لتربية الماشية ميسور الحال. قامت هي بالتدريس في مدرسة ريفية لمدة 12 عاًما٬ وفي عام (1909) وكان عمرها 28 سنة٬ التحقت بهيئة راهبات للأعمال الخيرية. وأوفدتها الهيئة مع 17 من زميلاتها للمكسيك لإعادة بناء القرى التي دمرتها الثورة٬ وذلك تحت إشراف المهندسين الفرنسيين والمكسيكيين٬ ومن هنا اكتسبت الخبرة. وعندما عادت إلى بلدها نشبت الثورة التي قتل فيها ما لا يقل عن 200 ألف مواطن٬ بما فيهم شقيقتها وزوجها وأولادهما السبعة. غير أن ذلك لم يفت بعضدها ويجعلها تركع٬ ولكنها نذرت حياتها لخدمة المنكوبين والفقراء في بلادها٬ وانشأت مكتًبا متواضًعا من غرفة واحدة٬ ووضعت عليه لافتة مكتوًبا عليها: (مشروع ايلادا). واستغلت شخصيتها الآسرة بتحفيز المواطنين إما بالتبرعات أو العمل المجاني معها٬ وأول ما بدأت به هو بناء المدارس بإمكانيات متواضعة٬ قائلة لهم: إن المدارس هي الشيء الوحيد الذي يحول بين هؤلاء الأطفال وبين أن يشبوا كآبائهم جهلاء. وعندما يوشك بناء المدرسة على الانتهاء ترسل للمسؤولين الحكوميين٬ أن يأتوا لها بالمدرسين مع تكفلهم بدفع رواتبهم٬ وتقول للأب الذي لديه ولدان في المدرسة٬ عليك أن تتكفل بإطعامهم٬ وإذا كان الأب ميسور الحال ولديه ثلاثة أولاد٬ تفرض عليه كسوة وإطعام ثلاثة أولاد فقراء معهم. لقد قضت تلك السيدة المكافحة 66 عاماً في التعليم أو بناء المدارس بيديها٬ وحسب الإحصائيات: شيدت 138 مدرسة٬ وأربعة مستشفيات٬ وعدًدا من مراكز الترفيه للأطفال٬ ومراكز لإطفاء الحرائق٬ وستة ملاجئ للأيتام. وتعرضت ايلاديا نفسها لمعركة قصيرة مروعة مع الموت في عام ٬1947 فقد كانت تعمل مع أربعة رجال في بناء مدرسة بقرية (بارجان)٬ وهاجمتهم عصابة٬ وقتلوا رجالها جميعهم٬ وأصابوها برصاصة في يدها٬ وهي تصيح فيهم وتنعتهم بالجبناء٬ إلى درجة أنهم قطعوا رأس أحد رفاقها ووضعوه على فمها لكي يخرسوها. ومع ذلك واصلت كفاحها٬ وكلما انتهت من مشروع أقامت حفلة لأهل القرية تلقى فيها الأناشيد وتؤدى الرقصات٬ وتشوى الذبائح بالعراء. وعندما وصل عمرها إلى 82 سنة عرفت أنها لا تستطيع أن تنطلق في الطرق الجبلية إلى الأبد٬ فدربت عشرين شاًبا على فن البناء ليحملوا الراية بعدها. وماتت وحيدة دون أن تخلف لا مالاً ولا أولاًدا. ولكن لا يزال اسم (ايلادا) في كولومبيا٬ يلمع في السماء كنجمة من الماس. نقل عن الشرق الاوسط

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up