رئيس التحرير : مشعل العريفي
 فهد الأحمري
فهد الأحمري

هل كشفت نزاهة فساد الصحوة؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

على شرفة مقهى الجمالية المطل على باب الفتوح وهو أحد أبواب سور القاهرة، جلستُ وصديقيّ المصريان، وهما من الشخصيات المرموقة على مستوى مصر، أحدهما في جانب الأدب والثقافة والآخر في جانب الاستثمار وريادة الأعمال.
يحدثني رجل الأعمال الذي كان المارة يحيونه طوال تجوالنا في الموقع التاريخي عن دهشته من ما حدث ويحدث في السعودية من الإطاحة بأشكال متنوعة من الفساد المالي والإداري بمليارات الريالات ومليارات الأمتار المسروقة من المال العام من قبل شخصيات عامة وشخصيات على كراسي القضاء والنزاهة والسلك العسكري والمدني وغيرها.
يردف صديقنا المنكب على تجارته والبعيد عن الأحداث الخارجية قائلا؛ لم يلفتني أي خبر خارجي سوى حكاية فندق الرتزكارلتون وما تلاها من بعض أخبار مكافحة الفساد السعودية.
صديقنا يبدي حبه لبلدنا ويرى في قرارة نفسه أنه بلد مقدس ولا يتخيل ارتكاب شيء من الفساد لقدسية المكان ونزاهة أهل ذلك المكان.
ثارت لدي بعض الأسئلة، أين تأثير القيم الإسلامية في حياة الفرد بيننا بل أين تأثير الصحوة التي دامت أربعة عقود وطار بها الجميع وأحرقوا ألبومات صورهم الشخصية والعائلية وأتلفوا الأجهزة وقاطعوا القنوات الفضائية تقربا لله وخشية له ثم نصحو على مئات قضايا فساد بمليارات الريالات من أفراد وفئات ظُنّ بهم خيراً، كانوا على المنابر الخطابية والعدلية وبقية القطاعات العامة والخاصة إلا من رحم الله.
كيف بنا وفينا من يتورع عن لبس العقال سمتا ووقارا بينما هو لا يتورع عن لبس الحرام وأكل الحرام وإطعام أهل بيته من المال العام الحرام! كيف بنا وفينا من يتورع عن إطالة ثوبه تقوى وخشية بينما هو لا يتورع عن إطالة قوائم حساباته البنكية الحرام! كيف بنا وفينا من يعتقد بحرمة التصوير بينما هو يقع في التزوير ويصادق على صكوك التزوير لعقارات بمئات وآلاف الأمتار!
إن ضرب الأمثلة بهذه الشريحة ليس تحاملا عليها ولا يعني خلو غيرها منها بل قد يكون غيرها أشنع وأمرّ غير أن هذه الشريحة هي التي كانت توصم بالفضيلة وتدعي النزاهة والصلاح وتُقدم لها المنابر وصدور المجالس وتحظى بمكانة مجتمعية.
السؤال هنا؛ أين تأثير التربية الدينية على النشء في الأسرة وخارجها في المرحلة الصحوية، فمنذ نعومة أظفار الوليد فينا وهو يلقن تعاليم الدين في بيته ثم يتلقاها في المناهج المدرسية ومن على منابر الجمعة ومن أفواه وعاظ الصحوة صباح مساء ثم تأتي نزاهة لتكشف لنا فضائح الفساد.
هل هذه مخرجات الصحوة التي يريدها أصحابها؟ ثم يأتي من يتغنى بزمن الصحوة وعسكرة الدين وملاحقة الناس بمدرعات المحتسبين.
شكرا نزاهة على زمن النزاهة بعد عقود الصحوة.
نقلاً عن صحيفة "مكة"

arrow up