رئيس التحرير : مشعل العريفي

هل يستقيل فيصل؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

دعا بعض النصراويين، فيصل بن تركي رئيس ناديهم للاستقالة، وهي مطالبة تتكرر في كل مدرج مع توالي الخسائر، غالبيتها وليست كلها مبنية على العاطفة والعدوانية وبعض العقلانية، والدليل على عاطفيتها تحديدا أنها تهدأ وتثور تبعا للأحداث.
.. وإذا ما عدنا لتحليل الوضع النصراوي، فالفريق إدارة ولاعبين وفنيين ارتكبوا عديدا من الأخطاء مع بداية الموسم، انطلاقا من مباراة السوبر، وحتى اللحظة، وكل ما بين هذه الأخطاء كان محاولات للتعديل لا يمكن أن تعيد الفريق للمسار الطبيعي.
حالة أشبه ما تكون برجل يبني عمارة ويرتكب أخطاء بسيطة تؤثر في الأعمال المستقبلية، يعود بعدها ليكسر ويبدل ويعدل، فيقضي وقتا أطول في إنهاء مشروعه، سيكون أقل لو لم يرتكب الأخطاء.
.. كرة القدم كذلك، لا يمكن أن تعد فريقا للفوز بلقب الدوري في الدوري، يجب أن يكون الإعداد مسبقا، وربما يحتاج إلى أكثر من موسم، على سبيل المثال - وما دام الحديث عن النصر - فريق 2014، تم إعداده منذ موسم 2012، بلغ نهائي الكأس الملكية، وفي الموسم التالي استقر على مدرب جديد وممتاز منذ منتصف الدور الأول، وخسر نهائي كأس ولي العهد بالترجيحيات وحقق أرقاما جيدة جدا في ذاك الدوري، فنجح في موسم 2014 في خطف بطولتينز يمكن الاستشهاد أيضا، بفريق النادي الأهلي، فريق تم تحضيره للقب الدوري منذ موسمين، وربما ينجح هذا الموسم. التعاون أيضا في مرحلة بناء فريق بطل وسيجني الثمار بعد موسمين أو ثلاثة إذا ما تجاوز بعض الأخطاء البسيطة وأكسبته العثرات خبرة قبل بداية الموسم وليس أثناءه.
في موسم 2015، استنفد النصر كثيرا من مخزونه الكبير في المواسم السابقة الذكر واستند إليه في ركاب المنافسة، كانت هناك أخطاء بسيطة استترت تحت أفراح الانتصارات، أتذكر أني كتبت مطلع الموسم الماضي، أن مشروع تحضير فريق للعودة إلى البطولات بعد غياب يختلف تماما عن مشروع الاستمرارية، وهو ما لم يتنبه له مسؤولو النادي ولاعبوه وفنيوه. نعود لنسأل: هل المطالبة باستقالة ابن تركي منطقية؟
.. قبل الإجابة عن السؤال، يمكن تصنيف المطالبين بالاستقالة إلى نوعين، الأول قوم ينتقدون في كل وقت وتحت أي ظرف، وظيفتهم هي الانتقاد لمجرد الانتقاد، كانوا ينتقدون كارينيو وفيصل مثلا وهما يتصدران الدوري، والآن يطالبون بالمدرب الرائع آنذاك المغضوب عليه منهم عندئذ، وهؤلاء أشبه بالمتقاعدين الذين خسروا دورهم في المجتمع فتحولوا من منتجين إلى حكواتية يلطمون وأطروحاتهم تمتلئ بالتناقضات الجوهرية، ليس لديهم أكثر من ذلك، وسيستمرون حتى لو فاز أصفر فيصل بكأس الملك أو خسرها، هؤلاء لا تملك إلا أن تعرض عنهم، لأنهم مثل البكتيريا التي تتعايش على الجراح، والجو الصحي المعقم بالحوارات الموضوعية يقتلهم، وكثير من الدراسات الاجتماعية اهتمت بطرح حلول نفسية لتهيئة المتقاعدين في العودة للمجتمع، بأدوار جديدة منتجة بعد التقاعد، هؤلاء موجودون في كل مدرجات الأندية لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب.
النوع الثاني، بدوره ينقسم إلى قسمين: عقلانيون موضوعيون، يرون أن فيصل أخذ فرصة كافية، نجح وفشل، وربما يعود للنجاح، ومن الممكن استمرار الفشل إذا استمرت الأخطاء، هؤلاء قد تختلف معهم، ولا تختلف عليهم، من المهم أن يستمع لهم كل النصراويين، ويناقشوهم ويفيدوا ويستفيدوا منهم.
القسم الثاني من النوع الثاني عاطفيون، تتغير آراؤهم بحسب النتائج، على سبيل المثال فرحوا بفوز النصر الثلاثي على الاتحاد رغم أنه فوز باهت لا ينبئ عن عمل حقيقي، وغضبوا من الخسارة في الدور الأول من الهلال رغم أن الفريق كان واقفا بشكل مقنع في الملعب، هؤلاء أنصح النصراويين بعدم الغضب منهم، يجب احتواؤهم وتقديرهم، دون الغضب من ردود أفعالهم، فهم عشاق متيمون والعشاق يرون بقلوبهم.
بعد كل هذه التقسيمات النظرية، أسأل من جديد: هل استقالة فيصل مطالبة موضوعية؟ إذا كان الرئيس الأصفر يعترف بأخطاء بداية الموسم، فهذه خطوة جيدة، وإذا كانت لديه القدرة على توفير منابع جديدة للمال تعوض المنابع المجففة، فهذه خطوة أخرى جيدة في طريق الاستمرار، وإذا كانت لديه رغبة في العمل ويسكنه طموح متقد فتلك ثالثة الشروط. عن الثانية والثالثة فلا أحد يستطيع الإجابة غير فيصل نفسه، أما الأولى فتبدو مؤشراتها الأولية جيدة بدليل اتفاقه مبدئيا من الآن مع مدرب معروف لقيادة الفريق في الموسمين الجديدين، ومنحه الصلاحيات الكاملة لاختيار الأجانب.
ختما، وكما قلت مسبقا إن مشروع إعادة فريق بعد غياب طويل للبطولات، يختلف عن مشروع الاستمرارية في دور البطل. أقول الآن إن إعادة فريق فقد البطولة للتو، أسهل بكثير من إعادة فريق غائب عنها عقدين من الزمن، وإذا لم تتوافر لفيصل الشروط الثلاثة فعليه أن يستقيل فورا، ويعود إلى المدرجات كما بدأ. نقلا عن الاقتصادية

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up