خاشقجي!

حين أخذت المملكة زمام المبادرة بشأن قضية خاشقجي وكشفت ما كان غامضاً فيها لأسبوعين متتاليين زلزل بيانها المتربصين بشفافيته وصراحته والخطوات التي أعقبته بعزل ومحاسبة والتحقيق مع بعض الشخصيات المسؤولة عن الحادثة بشكل مباشر أو غير مباشر وهو أمر غير مسبوق في العالم العربي بهذه الشفافية والشجاعة في الوقت الذي نشهد به تنصلات سافرة من بعض الأنظمة في أمور عظيمة يندى لها الجبين.
باتت قضية خاشقجي بمثابة «فرصة» لمن قضى حياته متصيداً لهفوة في سجل المملكة الناصع والذي لم يشفع لها قطعاً في ظل هذا التربص والحملة الجنونية، فهكذا هم المرجفون حين يجدون مثلبة واحدة فلا يأبهون لمناقب كبرى صنعت هذا الكيان العظيم، فجاءت هذه الحادثة ليسقط الجميع في مستنقعها إلا من رحم ربي!
ستمر هذه الأزمة كباقي الأزمات، سواء استثمرها المتربصون أو يئسوا من توظيفها، فالرهان على قوة وتماسك هذا الوطن وثباته وهو متماسك بالفعل وسوف يتجاوزها كما تجاوز أعظم منها وخرج أكثر قوة ومتانة، ومن ينتظر انحساراً لهذه الهجمة فهي ستنتهي لا شك سياسياً وقضائياً بالحقائق والأدلة وليس بهرطقات إعلام المناشير والمسالخ، ولكنها ستبقى إعلامياً فالتشفي ودق الأسافين حول المملكة لايزال في بدايته خصوصاً أن هذه الحملة كلفت قناة الجزيرة القطرية -وحدها- وخلال أسبوعين ما تجاوز الـ ١٢ مليون دولار للإساءة للمملكة وتجييش الرأي العام ضدها، في حين غرقت قطر في (شبر ميه) جراء سيول خفيفة هذا الأسبوع بسبب سوء التصريف في البنية التحتية وسوء تصرف في البنية الفوقية لعقول حكامها!
لا شك أن ما حدث خطأ فادح قام به مجموعة أشخاص داخل مؤسسة تعد من أهم مؤسسات الدولة كـ (الاستخبارات) والذي يفترض أنهم جيش يعكس صورة المملكة بنزاهتها وسجلها النظيف - وهذا الخطأ أحرج المملكة كثيراً كونه ينافى أخلاقياتها السياسية ويجعلها عرضة للحملات المغرضة لكن المبادرة بإعادة هيكلة هذا الجهاز جاءت كخطوة عظيمة، والمملكة -بالمناسبة-ليست أولى الدول التي أعادت هيلكة جهازها الاستخباراتي بل سبقتها عدة دول وأجهزة على رأسها سي اي ايه الأمريكية.
اليوم هو إعلان نتائج التحقيقات من الجانب التركي، وأياً كانت هذه النتائج فلا أظنها ستجافي البيان السعودي الذي كان منطقياً وشجاعاً، وهذه الأزمة بكل أبعادها في رأيي فرصة لإعادة تقييم المواقف وغربلة الخصوم قبل الأصدقاء.
نقلا عن عكاظ