رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

يلعن أبو الفقر

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

تصديقاً للمقولة المشهورة: إن الحرائق تأتي أحياناً من مستصغر الشرر، إليكم هذا المثل عن الحريق المهول الذي لا يضاهيه حريق، والذي اجتاح مدينة لندن عام 1666، وكان سببه البسيط أن هناك خبازاً بريطانياً أوى إلى فراشه، ولكنه نسي إطفاء شعلة صغيرة بقيت في فرنه، وقد أدى ذلك الخطأ إلى اشتعال منزله، ثم منزل جيرانه، ثم الحارات المجاورة، إلى درجة أن نصف لندن قد احترقت، وماتت الألوف المؤلفة من سكانها، وأصبح ذلك الحريق المشؤوم يعرف بـ(الحريق الكبير).
والمفارقة هنا أن الخباز نفسه لم يصب بأي أذى.
ومستصغر الشرر ليس مقتصراً على النيران فقط، ولكن قد تكون له أسباب تافهة أخرى، والمثال على ذلك أنه في عام 1347، دخلت بعض الفئران إلى 3 سفن إيطالية كانت راسية في الصين، وحين وصلت إلى ميناء جنوا الإيطالي خرجت منها، ونشرت الطاعون في المدينة، ثم في كامل إيطاليا، ثم انتشر في كامل أوروبا، وقتل ثلث سكانها خلال عشر سنوات.
وكان الطاعون أصلاً في ذلك الوقت قد قضى على نصف سكان الصين.
*** ومن الأمور التي تجعل العقل يطير من النافوخ هذه الواقعة الحقيقية، وجاء فيها أن جورج هاريشن، من جنوب أفريقيا، باع مزرعته إلى شركة تنقيب بثمن بخس من الجنيهات، فقط لعدم صلاحيتها للزراعة. وحين شرعت الشركة في استغلالها، اكتشفت بها أكبر منجم للذهب على الأرض، وأصبح بعدها هذا المنجم مسؤولاً عن 70 في المائة من إنتاج الذهب في العالم.
الغريب أن مستر هاريشن لم ينتحر من شدة القهر، بل علق بكل برودة أعصاب أحسده عليها قائلاً: أشكر ربي لأنه أنقذني على الأقل من الخسائر التي كنت أتكبدها في زراعتي - انتهى. وتبين لي أن ذلك الرجل إما أن يكون أكثر إنسان قنوع في العالم، أو أنه أكثر الناس بلادة في العالم، وأجزم أن الصفة الثانية هي التي تنطبق عليه تماماً.
*** ضحكت من كاريكاتير نشر في جريدة سعودية، مرسوم فيه اثنان يدخنان الشيشة، فقال الأول للثاني: تدري أن جارنا فلاناً يهرول كل يوم الفجر؟! فرد عليه الثاني دون أن يرف له رمش قائلاً: عالم فاضية.
وهذا ذكرني بموقف كنت شاهداً عليه قبل سنوات، عندما كنت أتفرج على أربعة يلعبون الكوتشينة (البلوت)، وكان التلفزيون وقتها ينقل خبراً بالصوت والصورة عن مركبة فضائية تدور حول القمر، فقال أحدهم لمن يقابله: انظر، انظر لهذا الحدث العظيم، فرفع رأسه ولوى بوزه مستهجناً وهو يقول: «الحقيقة، إنهم فاضيين، اتركهم»، ثم أردف قائلاً لرفيقه وهو يخبط بالورقة على الأرض: العب العب (صن)، يلعن أبو الفقر.
نقلا عن "الشرق الأوسط"

arrow up