رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

(الجدة) المقاتلة

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

على فكرة يجب ألا نستهين بفكر أو قدرات العجائز٬ والدلالة على ذلك هذه الرواية التي أطرحها أمامكم الآن نقلاً عن صاحبها الذي حكاها لي قبل مدة طويلة٬ ولا أعلم إلى الآن صدقها من كذبها٬ لأن كل كلامه نصفه أو ثلاثة أرباعه (بكش)٬ ولكن حسابه عند الله وليس عندي إذا كان كاذبًا٬ فما يهمني أنا فقط أن أملأ (عمودي) التعيس هذا بأي كلام (يا عبد السلام)٬ فكله عند العرب (صابون)٬ المهم أنه يقول: كنت بين الحين والآخر أذهب إلى زيارة جدتي شبه المقعدة وشبه المخرفة٬ وأسعد بثرثرة لسانها الكامل اللياقة.
كانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل٬ وأخذنا الحديث دون أن نفطن٬ وفجأة إذ بنا نسمع وقع أقدام وأواني تتساقط من جهة المطبخ٬ وفجأة قطعت كلامها وهي تقول لي: أكيد هذا (حرامي)٬ فارتج علي من شدة الخوف٬ واتجهت لا شعوريًا للتليفون الثابت٬ لكي أتصل بشرطة النجدة صاحبة الرقم (999(٬ وقبل أن أمسك بسماعة التليفون٬ إذ بها تنهرني قائلة: إيش فيك (طقعت)؟! ­ أي خفت ­ قلت لها: معاذ الله٬ قالت: إذن تعال٬ وأشارت لي أن آتي لها ببعض الأكياس الورقية الفارغة٬ فامتثلت لأمرها٬ وطلبت مني أن أنفخها٬ وهذا ما حصل٬ وتفاجأت بها تضع الكيس الأول تحت قدمها ثم تهبده بكل قوة٬ وإذا بالانفجار يدوي بأرجاء الغرفة٬ ثم أعقبته بالكيس الثاني٬ وإذا بنا نسمع وقع الأقدام تتعالى وباب المطبخ ينصفق٬ وإذا بها تقول لي: لقد هرب الحرامي٬ وعليك أن تلحق به في الحوش قبل أن يخرج٬ ولكي لا تتهمني بالخوف خرجت لألحق به وأنا أرتعد٬ واكتشفت يا للهول أن الحرامي مجرد قط من قطط الشوارع تسلل من خلال باب المطبخ المفتوح٬ ورجعت لها وأنا نافخ صدري أقول لها: الله سلم... الحرامي قد قفز من السور قبل أن أمسكه وأمسح به البلاط٬ عندها أخذت تقبلني مشيدة بشجاعتي٬ وأنا أحمد ربي أنه سلمني من الاتصال بشرطة النجدة٬ وإلى يومنا هذا لم أخبرها عن القط٬ أما هي فلا تزال تحكي لكل من يزورها عن الحرامي وعن شجاعتي النادرة التي تفخر بها.
انتهت حادثة الحفيد مع جدته٬ ولم ينته إعجابي بذكاء العجوز وشجاعتها٬ وأرجو ألا تستخفوا بفكرتها التي اخترعتها لإرهاب اللصوص٬ ولا أستبعد أنه لو كان لديها سلاح٬ فلن تتردد في استخدامه٬ ولو أنني كنت لصا من اللصوص٬ وتسللت إلى منزلها وسمعت فجأة مثل تلك الانفجارات٬ فيمين بالله إنني سوف أكون أسرع من (بولت) بالجري٬ وأعظم من (سوتومايور) في القفز العالي. ونصيحتي لكل من لديه (جدة) أن يعض عليها بالنواجذ٬ إلى أن يسترد الله أمانته.
نقلا عن "الشرق الأوسط"

arrow up