رئيس التحرير : مشعل العريفي
 حمود أبو طالب
حمود أبو طالب

التجنيد الإجباري .. الدفاع عن ماذا أولًا ؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

كعادتنا، نستحضر أفكارنا المناسباتية الظرفية عندما يأتي وقت جديد يفرض الحديث عنها، ثم لا نلبث أن ننساها تماما انتظارا لوقت لآخر. أفكار أو آراء على الأصح يتبرع الجميع بالتنظير فيها دون أن نسمع رأي الجهات المتخصصة فيها ويفترض أن تكون مسؤولة عنها. مراكز الدراسات غائبة، ومثلها مراكز استطلاع الرأي وتحديد الاتجاهات التي تبنى عليها القرارات الإستراتيجية. لهذا السبب وغيره من الأسباب سيكون صعبا إن لم يكن مستحيلا التخطيط العلمي الصحيح الدقيق لاحتياجات الحاضر والمستقبل، والتصدي للتحديات التي يواجهها الوطن أيا كان نوعها. كمثال فقط، نشرت صحيفة الوطن يوم أمس تقريرا عن حاجتنا الماسة للتجنيد الإجباري، ولست أنا من وضع وصف الماسة بل الذين تحدثوا للصحيفة. حسنا، لماذا نحن في حاجة ماسة الآن؟ الجواب تقليدي وعادي ومكرر ولا جديد فيه. إنها الأخطار التي يواجهها الوطن، وضرورة تجهيز قوة وطنية كافية وجاهزة في حالات الضرورة، إضافة إلى ما يوحي بأن تحالفاتنا مع الآخرين لم تعد مجدية للاعتماد عليها، هذا إذا كانت باقية. ولكن عن ماذا نريد التجنيد الإجباري أن يدافع؟ ما هي القيمة الكبرى التي نريد شباب الوطن أن يدافعوا عنها؟. هنا تختلط الأولويات وتميع المفاهيم وتصبح الصورة رمادية. مثلا، يقول أحد أعضاء هيئة كبار العلماء إن التجنيد الإجباري لإعداد قوة لحماية «الدين والوطن أو البلد» أمر مطلوب شرعا، وعلى ولي الأمر أن يجتهد في إعدادها. لاحظوا جيدا هذه العبارة فنحن نريد من الشباب حماية الدين والوطن أو البلد، لكن أي قيمة من هذه القيم وأي معنى منها نريد الذود عنه أولا. الدين باق إلى أن تقوم الساعة، لكننا نرى أوطانا تنهار وتتلاشى أمام أعيننا، فماذا تريدون الدفاع عنه أولا. وبعد ذلك، ليس من السهولة أن نتوقع آلاف الشباب جاهزين للانخراط في مشروع لا يعرفون لماذا هم منخرطون فيه، أو نتوقع أنهم مستعدون لبذل أرواحهم من أجله. الواقع غير الشعارات والأغاني الوطنية والشيلات والمانشيتات العريضة. الشاب الذي يعتبر وطنه قيمة عليا قدمت له ما يستحق الموت من أجله هو الذي سيحمل السلاح بقناعة وصدق وإيمان للدفاع عنه، أما الذي ما زال ينتظر ماذا يقدم له الوطن من حقوقه المشروعة فلن يكون صادقا ومخلصا حتى لو أجبرناه على حمل السلاح.
نقلا عن عكاظ

arrow up