رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

ما في العباة رجال

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

تعجبني أحيانًا سرعة البديهة٬ وهذه الميزة كان يتحلى بها الشيخ (عبد العزيز البشري) ومنها: أنه كان يمشي في الطريق يو ًما٬ فاعترضه أحد القرويين٬ وقدم له خطابًا ليقرأه له٬ وذكر له أنه رجل أمي يجهل القراءة والكتابة٬ وقد جاء هذا الخطاب من بلده. وكان خط الخطاب رديئًا يصعب حل طلاسمه٬ فلم يستطع البشري أن يقرأ منه شيئًا٬ فرده إلى صاحبه معتذًرا عن عجزه٬ وهنا قال القروي في ضيق: «أمال شيخ إيه؟ ولابس عمة ليه؟» فأسرع البشري٬ وخلع عمامته ووضعها على رأس القروي٬ وقال له: «اقرأ انت يا سيدي٬ آدي العمة على راسك». وفي حادثة أخرى كان البشري منصرفًا إلى صلاته٬ فتلقفه أحد أصدقائه الظرفاء ورسم له على العباءة رأس حمار٬ فلما فرغ من صلاته وهم بلبس العباءة رأى رأس الحمار٬ فالتفت إلى الجميع وسألهم بكل هدوء: من منكم مسح وجهه بعباءتي؟ ما أبعد الفرق٬ لأنني لو كنت أنا الذي مررت بهذا الموقف٬ فيمين بالله لكنت دبيتها خناقة تصل إلى عنان السماء.
*** هل أنتم معي٬ بأن الغلام الصغير يبدأ بالتدخين٬ لكي يثبت أنه رجل٬ وبعد عشرين أو ثلاثين سنة٬ يحاول أن يقلع عن التدخين ليحقق الهدف نفسه؟! وأعرف رجلاً له أكثر من خمسين سنة وهو يدخن٬ وما زال يحاول أن يقلع ليثبت لنفسه أنه رجل٬ ولكن (مافيش فايدة) ­ أو على قول المثل: (ما في العباة رجال). وعلى ذكر السجائر أو الدخان: يحكى أن (شهاب الدين الخفاجي) شرب الدخان هو وجماعة٬ فاعترض عليهم (شيخي زاده)٬ فكتب له الشهاب يقول له: إذا شرب الدخان لا تلمنا وجد بالعفو يا روض الأماني تريد مهذبًا لا عيب فيه وهل عود يفوح بلا دخان؟ فأجابه شيخي زاده: إذا شرب الدخان فلا تلمني على لومي لأبناء الزمان أريد مهذبًا من غير ذنب كريح المسك فاح بلا دخان
*** خرج أبو حازم الصوفي في بعض أيام المواقف٬ وإذا بامرأة جميلة حاسرة عن وجهها قد فتنت الناس بحسنها٬ فقال لها: يا هذه إنك بمشعر حرام٬ وقد شغلت الناس عن مناسكهم٬ فاتقي الله واستتري٬ فقالت: يا أبا حازم إنني من اللائي قال فيهن الشاعر: أماطت كساء الخز عن حر وجهها وأرخت على المتن بردا مهلهلا من اللاء لم يحجبن يبغين حسبة ولكن ليقتلن البريء المغفلا
فقال أبو حازم لأصحابه: تعالوا ندعو الله لهذه الصورة الحسناء ألا يعذبها بالنار٬ فجعل يدعو وأصحابه يؤمنون٬ فبلغ ذلك الشعبي فقال: ما أرقكم يا أهل الحجاز٬ أما لو كان من أهل العراق لقال: اغربي عني يا شقية.
نقلا عن "الشرق الأوسط"

arrow up